براء البعلبكي - خاص ترك برس

يقول المثل المَعروف "حرّص ولا تُخوّن"، وهو مثلٌ يدعو للتوثُقِ والحرص مع الإبقاء على حُسن الظَن؛ لكن القصص شبه اليومية التي نَسمعُها وحالات النصب التي تكرر قد تَدعوني للإضافة قليلًا على هذا المثل فيصبح: "حرّص ثم حرّص ثم حرّص ولا تخوّن ولا تثق!!".

عِدة أسباب تقلل من درجةِ الحرص في مجتمعاتِنا ويقعْ ضحيتها الكثير من الراغبين بالاستثمار في تركيا وحتى على مستوى شراء عقار أو سيارة، أَهمّها هي مظاهر التَديّن؛ فكُلما زادت مظاهرُ التديّن عند شخص ما زادت الثّقة به اطّرادًا، أيضًا القرابةُ والصداقةُ من العوامل المهمة لزيادة الثقةِ وقلةِ الحرص، والمظهر الفاخر الكاذب أيضًا من الأسباب المهمة فمجتمعاتنا تهتم بالمظهر كثيرًا، ويمكننا أن نضيف المكانة الاجتماعية لِشخصٍ ما إلى هذه العوامل، وأسباب أخرى قد تكون أقل أهمية.

أكثر حالات الاحتيال التي مرت عليّ أو سمعت بها كانت مع الأسف بسبب المظهر الديني لذلك الشخص، وتكمن خطورة هذه الحالات في أنها تنعكس سلبًا بالسّمعة السيئة على شريحةٍ مهمةٍ وفاعلة في مجتمعاتنا يُفتَرض بها أن تكون قدوةً في الخُلق والتعامل، ومِن الحالات الكثيرة أيضا الانخداع بمظاهر قد تَدل على الغِنى والإمكانيات المادية مثل نوع السيارة، الملابس والمكتب الفارِهة وما إلى ذلك؛ فتشعر الضحية بنوع من الأمان؛ فهذا الشخص مكتفٍ ماديًا وليسَ بحاجة للتحايلِ والنصب.

الحل إذن هو الحرص وعندما نتكلم عن الحرص في العلاقات التجارية والمعاملات المالية فنحن نتكلم عن الكتابة والتوثيق، لماذا أوثق بيني وبين أخي أو صديقي فأنا أثق به كما أثق بنفسي؟! ليس القصد هُنا شيطنة المجتمع ولكن حفظ الحقوق؛ فمثلًا لو مات شخص نثق به ماتت معه الحقوق إن لم تكن موثقة، وبعض الحالات التي يكون بها الطرف الآخر مثلًا شخصية اجتماعية مهمة قد يجد البعض حرجًا في توثيق معاملاتهم معها وهذا قانونًا يُسمّى بِ "المانع الأدبي" وقد يَنظر لها القاضي بعين الاعتبار ولكن التوثيقَ أولى.

في السوق التركيّ وهو ما يَهمني بشكل خاص أنصح دائمًا بمشاورة محامين بخصوص العقود ومراجعتها قبل التوقيع، وتوثيق العقود عند كاتب العدل (النوتر)، والتأكد من ترجمة العقود بلغتنا الأصلية وفهمها قبل التوقيع لأن العقود المعتمدة في تركيا تكون باللغة التركية وهي ما يتم التصديق عليه، ولا ننسى التأكيد على أن يكون المترجم مُحلّفًا وليس فقط يجيد اللغة.

الكثير الكثير يمكن أن يقال في هذا الصدد، وقد نتطرق لاحقًا لبعض القوانين في تركيا التي تساعد على استثمار أكثر أمنًا... ودُمتم أكثرَ حرصًا.

عن الكاتب

براء البعلبكي

رجل أعمال مهتم بالاستثمار في تركيا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس