ترك برس

سلّط مقال للخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، الضوء على أسباب تذبذب الليرة التركية رغم تحسن مؤشرات الاقتصاد خاصة المتعلقة بالصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

عبد السلام، وهو رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة "العربي الجديد"، أشار في بداية مقاله إلى فقدان الليرة التركية في عام 2018 نحو 30% من قيمتها، وتعمق هذا التراجع في أغسطس من نفس العام بسبب الحرب الاقتصادية العنيفة التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد الاقتصاد التركي على خلفية الخلافات العنيفة بين أنقرة وواشنطن في ملفات عدة، منها سورية وصفقة الأسلحة الروسية واعتقال القس الأميركي أندرو برونسون واعتقال مدير بنك خلق التركي في واشنطن وغيرها.

وأوضح الكاتب أنه منذ ذلك الوقت تعيش الليرة حالة من التذبذب الملحوظ ما بين التحسن والانخفاض، ويوم الجمعة الماضي، كسر سعر الدولار حاجز الست ليرات، وهو أدنى مستوى للعملة التركية منذ شهر مايو/ أيار الماضي.

ويرى الكاتب أن تراجع الليرة التركية يثير علامات استفهام كثيرة، بل واستغراب لدى بعض الاقتصاديين والمصرفيين، فهناك تحسن في مؤشرات الاقتصاد التركي لكنه لا ينعكس على قيمة العملة المحلية.

فصادرات تركيا سجلت رقما قياسيا في عام 2019 حيث بلغت قيمتها نحو 180.5 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى في تاريخ البلاد، وصادرات تركيا في شهر واحد تعادل صادرات دول عربية عدة في عام كامل.

وتابع المقال: مقابل زيادة الصادرات تراجعت الواردات التركية ليخفف التجار والمستوردين الضغط على النقد الأجنبي. وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة، فقد انخفضت قيمة الواردات بنسبة 9% لتصل إلى 210.4 مليارات دولار عام 2019.

ومن المؤشرات الإيجابية أيضا تراجع العجز التجاري الخارجي لتركيا في العام 2019 بنسبة كبيرة تصل إلى 44.9%، ليبلغ نحو 30 مليار دولار مقابل 54.3 ملياراً في العام 2018.

وواصل قطاع السياحة التركي زخمه ونشاطه في العام الماضي رغم تراجع تدفق السياحة السعودية والإماراتية على البلاد لأسباب سياسية.

وحسب الأرقام الرسمية، فإن إيرادات السياحة ارتفعت بنسبة 17% في العام 2019 لتصل إلى 34.5 مليار دولار. كما زاد عدد السائحين الأجانب الوافدين لتركيا بنسبة 14.11% في 2019 ليصل إلى 45.06 مليون شخص.

وهناك مؤشر أخر تمثل في تراجع الطلب على النقد الأجنبي والمخصص لتمويل واردات الطاقة، إما بسبب تراجع أسعار النفط في العام 2019، أو بسبب إطلاق مشروعات قللت من فاتورة استيراد المشتقات البترولية.

ومن بين المشروعات الكبرى التي راهنت عليها تركيا لدعم عملتها مشروع "السيل التركي"، الذي افتتحه أردوغان وبوتين يوم 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، ويتم من خلاله نقل الغاز الروسي إلى تركيا وأوروبا مرورا بالبحر الأسود، وهذا المشروع البالغ تكلفته نحو 13 مليار دولار يوفر استقراراً نسبياً في قطاعي الطاقة والصناعة التركيين وبأسعار مناسبة.

لا توجد مبررات اقتصادية قوية وراء حالة التذبذب المتواصل في سعر الليرة التركية، وفي رأيي فإن التذبذب يرجع لسببين رئيسيين، الأول يتعلق بالمخاطر الجيوسياسية المحيطة بتركيا، خاصة ملف سورية، وتصاعد التوتر في إدلب، والخلافات المكتومة مع روسيا، والحديث عن احتمال دخول تركيا في مواجهة مسلحة مباشرة مع النظام السوري.

والسبب الثاني يتعلق بإصرار الحكومة التركية على التدخل في إدارة السياسة النقدية وخفض سعر الفائدة رغم زيادة معدل التضخم، وبالتالي فإن الصدام بين أردوغان والبنك المركزي لا يزال متوقعاً.

بالطبع، هناك أسباب أخرى وراء تذبذب الليرة رغم تحسن مؤشرات الاقتصاد التركي خاصة المتعلقة بالصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وطالما بقيت هذه الأسباب فإن الليرة ستواصل تذبذبها حتى لو تدخلت بنوك الدولة في الأسواق لحماية الليرة وبيع عشرات المليارات من الدولارات للعملاء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!