ترك برس

تناول مقال في صحيفة العربي الجديد الضغوط التي يمارسها الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والأمريكي دونالد ترامب، على البنكين المركزيين في البلدين، لخفض معدلات الفائدة.

ويقول كاتب المقال مصطفى عبد السلام، وهو رئيس قسم الاقتصاد بالصحيفة، إنه على مدى الأسابيع الماضية، كثف ترامب هجومه وانتقاداته لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، بحجة رفض البنك مطالبه المتواصلة بخفض سعر الفائدة على الدولار للصفر أو لأقل من الصفر.

وبحسب الكاتب، لم يتوقف ترامب عن مواصلة ضغوطه على مجلس إدارة البنك المركزي منذ توليه منصبه بداية من العام 2017، ووصل إلى حد إعلان ندمه على ترشيح جيرومي باول لمنصب محافظ البنك واتهام قيادات الفيدرالي بالتقصير في عملها لرفضها سياسة الخفض.

بل إن مصادر غربية تحدثت مرات عن أن ترامب يفكر في إقالة باول من منصبه، واستبداله بشخصية أكثر ولاء له واقتناعاً بسياساته الاقتصادية والمالية.

وتابع المقال: ترامب لديه قناعة تقول إن خفض أسعار الفائدة يفيد الاقتصاد الأميركي، حيث يرفع معدل النمو، ويمنح مزيداً من التحفيزات لتعزيز الاقتصاد الكلي، وينعش الاستثمارات المباشرة، ويتيح قروضاً لرجال الأعمال بسعر فائدة رخيص.

كما أن خفض الفائدة سيدعم أسواق المال الأميركية وينعش البورصات وأسواق الأسهم، ولذا يربح مستثمرو "وول ستريت" مزيداً من مليارات الدولارات، وهذا كله سيفيد ترامب في معركة انتخابات الرئاسة المقبلة 2020 والتي يسعى للفوز بها لمرة ثانية.

ترامب ينظر للأمر هنا ليس من كونه رئيس دولة، بل كرجل أعمال وبزنس مان يريد الحصول على قروض مصرفية لتمويل مشروعاته الاستثمارية والانتاجية بتكلفة قليلة.

لكن البنك المركزي الأميركي لديه قناعات مالية واقتصادية واعتبارات نقدية أخرى تختلف عن قناعات ترامب؛ فالبنك يحدد سعر الفائدة طبقا للعديد من المؤشرات، منها البطالة وسوق العمل ونمو الأجور ومعدل النمو والتضخم.

لذا يرفض البنك ضغوط الرئيس الأميركي وابتزازاته المتواصلة لخفض سعر  الفائدة، ومن آن لأخر يضرب الاحتياطي الفيدرالي بتهديدات وضغوطات ترامب عرض الحائط انطلاقا من كونه مؤسسة لها استقلالية كاملة في إدارة السياسة النقدية وتحديد اتجاهات أسعار الفائدة والصرف والرقابة على البنوك.

وفي تركيا لا يختلف الوضع كثيرا عن الولايات المتحدة في قصة الضغوط التي تمارسها الرئاسة والحكومة على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة بهدف تشجيع الاستثمار وتنشيط الاقتصاد وخفض تكلفة الأموال في المجتمع.

فالرئيس رجب طيب أردوغان، يصر على التدخل في إدارة السياسة النقدية المكلف بها البنك المركزي التركي، ويضغط على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة على الليرة. وهي نفس السياسة التي يتبعها ترامب منذ 3 سنوات.

يوم الأربعاء، خاطب أردوغان نواباً من حزب "العدالة والتنمية" في البرلمان، قائلا إنّ الحكومة تتمسك بتصميمها على خفض أسعار الفائدة والتضخم.

وهذا التصريح يمثل أحدث حلقات الضغوط التي تمارسها الرئاسة التركية على البنك المركزي، الذي قد يواجه مشكلة تكمن في ضرورة المحافظة على سعر الفائدة عند مستوياتها الحالية خاصة مع تذبذب سعر صرف الليرة وزيادة معدل التضخم.

ورغم تشابه الضغوط التي يمارسها ترامب وأردوغان على البنكين المركزيين، إلا أن الاختلاف هنا يكمن في أن الأول لا يستطيع إقالة محافظ الاحتياطي الفيدرالي بسبب الاستقلالية التي يتمتع بها البنك في إدارة السياسة النقدية، كما أن الأعراف المصرفية الأميركية المتعارف عليها تحظر على رئيس الدولة عزل محافظ البنك المركزي الأميركي.

أما أردوغان فقد أقال محافظ البنك المركزي التركي، مراد تشتين قايا، في شهر يوليو الماضي واستبدله بنائبه مراد أويصال لرفضه خفض سعر الفائدة، مستنداً في ذلك إلى نصوص القانون التي تعطي لرئيس الجمهورية الحق في عزل المحافظ.

**تبديد السحب السوداء

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن أواخر العام الماضي، أن 2020 سيكون عامًا تنخفض فيه أسعار الفائدة بشكل أكبر في تركيا.

وأكّد أن الاقتصاد التركي حقق نموًا بمعدل 5.6 في المئة خلال الفترة بين 2003 و2018، وحلّ في المرتبة الـ13 بين أكبر اقتصادات في العالم وفقًا لتعادل القدرة الشرائية.

ولفت إلى أن تركيا لا تزال في وضع اقتصادي جيد جدًا وفقا لمعايير الاتحاد الأوروبي رغم حدوث بعض الارتفاع في معدل الدين العام نتيجة الارتفاع في سعر الصرف والفائدة.

وتابع: "نعمل على تبديد السحب السوداء فوق بلادنا من خلال خفض التضخم إلى خانة الآحاد وخفض الفائدة بسرعة، وإن شاء الله سيكون 2020 عامًا تنخفض فيه الفائدة بشكل أكبر".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!