براء البعلبكي - خاص ترك برس

رَشفَ من فنجان القهوةِ أمامهُ رشفةً، ثمّ اتبعها بتلك النظرةِ العميقة لِيقول لي: لقدْ توصلتُ لقناعةٍ مطلقة بأن تركيا بلدٌ غيرُ صالحٍ للعيشِ فيه وغيرُ مؤهلٍ للاستثمار!! وقد كان قبلَ دقائقَ قليلة يشرحُ لي مشكلةً قانونية حصلت له مع شريكهِ السابق، وسببت له عدة مشاكل في عملهِ وفي حساباتهِ البنكية، ويطلب المساعدة في حلّها!

قلت له: بصراحة أنت غير المؤهل للاستثمار وليست تركيا؛ فمن خلال سماعي لمشكلتكَ حاولتُ أن أجد أيّ ورقةٍ نظاميةٍ أو عملٍ قانونيّ من خلال ما أَسميتَهُ "استثمارك" في تركيا فلم أجد!! فلا أنت وثّقت شراكتك بعقد ولا سلكت الطرق النظامية في تحويل رأس المال وصرفه، بل أنت حتى لا تقطعُ فواتير مبيعاتك حرصاً منك على عدم دفع الضرائب المترتبة عليك!! صدقني حالتُك عصيّة على الاستثمار ليس فقط في تركيا بل في أي بلدٍ به قوانين وأنظمة تُطبقُ وتُحتَرم.

أحد أهم الأسباب التي تشجع على الاستثمار في تركيا هي الضرائب المنخفضة مقارنة بغيرها من الدول الغربية والأوروبية؛ ضريبة الدخل على سبيل المثال حوالي ال 20% في تركيا في مقابل حوالي ال 50% و أحياناً أكثر في كثير من الدول الأوروبية،  أيضاً من الأسباب الأخرى المهمة و الجالبة للاستثمار التحفيز الحكومي المستمر و ما يسمى بالتركية "تشويق = Teşvik" وهي بالمناسبة كلمة تركية من أصل عربي تحمل نفس المعنى  وتستخدم في سياق الاستثمار؛ حيث عملت الحكومة التركية وتعمل على تقديم حوافز وهِبات لتشجيع قطاعٍ معين أو منطقة بعينها كلّ فترة و بشكلٍ مستمر و متناسب مع متطلبات السوق المحليّ و العالميّ، وهذه من أهم الأمور التي يجب على المُتطلع للاستثمار في تركيا البحث عنها سواء عن طريق هيئات الاستثمار الحكومية أو الشركات الاستشارية ذات المصداقية و السمعة.

الكثير ممن يأتون إلى تركيا للاستثمار غالباً ليسوا أصحابَ خِبرة تجارية إنما أناس بسطاء جاءوا بِ "تحويشة العُمر" و للأسف الكثير منهم يكون فريسة سهلة للمحتالين، ولكن حتى بعضُ أصحابِ الخبرة يقعون أيضاً في خسارات كبيرة أحياناً؛ فهم رغم خبراتهم السابقة إلا أنهم غير خبيرين بخصوصية السوق المحلي التركي و لا ما يحكمه من قوانين و أعراف، فتجده يبدأ مشروعه مباشرة دون الاستعانة بذوي الخبرة و التجربة في البلد والأهم من ذلك ذوي السمعة الحسنة من الثقات أو من مكاتب الدراسات الاستشارية المعتمدة؛ رُبما من باب التوفير أو لِثِقة مفرطة في غير محلها.

إذن الخطوة الأولى والأهم لنجاح أي استثمار هو اعداد دراسة علمية شاملة ومتخصصة وهناك متخصصين يُعدّون مثل هذه الدراسات ولو كانت مكلفة في البداية ولكنها تجنبك الكثير من الخسارة مستقبلاً، ثانياً معرفة ومراعاة قوانين البلد والتقيّد بنظامها الضريبي والوظيفي منعاً لتعرضك لأي غرامات أو عرقلة غير محسوبة لمشروعك، وأخيراً وليس آخرا وخصوصاً إن كان المشروع تجارياً فالتسويق الصحيح هو من أهم عوامل النجاح، وعوامل أخرى كثيرة مهمة لنجاح مشاريعكم تختلف من مشروع لآخر بالطبع وهذا ما ستوفره لكم الدراسة المسبقة من خبراء معتَمدين لأي مشروع.

كل التمنيات للجميع باستثمار آمن.. ودُمتم بنجاح.

عن الكاتب

براء البعلبكي

رجل أعمال مهتم بالاستثمار في تركيا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس