ترك برس

تساءل تقرير في الموقع العربي لشبكة "دويتشه فيله" عن الأمور التي تدفع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للتمدد في المنطقة العربية والبحر المتوسط سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعسكرياً. 

وأضاف الموقع "هل هي الضغوط الاقتصادية أم محاولة لاستغلال "فراغ سياسي" إن لم تستغله تركيا سيسعى آخرون لملئه بما يهدد مصالح بلاده؟".

ويرى التقرير أن هناك حضور تركي متزايد في العالمين العربي والإسلامي، "ربما يكون قد بلغ ذروته ببدء التدخل العسكري في ليبيا". 

واعتبر أن تركيا تحاول منذ فترة التمدد خارج حدود نطاقها الإقليمي ربما بعد أن فقدت الأمل قبل عقود في الانضمام للاتحاد الأوروبي.

كما تجد تركيا نفسها أقرب إلى منطقة الشرق الأوسط ما قد يتيح لها أن تتمدد دون كثير عناء، بعكس إيران التي يُواجه تمددها بالكثير من الخوف والقلق.

ازداد تمدد النفوذ التركي مؤخرا بوسائل شتى ما بين السياسي والاقتصادي والثقافي وحتى العسكري الخشن. فاقتصادياً، ترتبط تركيا بالكثير من العلاقات مع دول كبرى في المنطقة. 

وسياسياً لا يخفى أبداً دورها الهائل في الملف السوري خصوصا باستضافتها لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، الأمر نفسه ينطبق على تواجدها في ليبيا والبحر المتوسط.

ورافق ذلك التحرك على الأرض آلة دعائية ثقافية ضخمة مهدت الطريق لتمدد هادئ في كل الدول العربية تقريباً بمسلسلات تاريخية حظيت بعدد هائل من المشاهدات ما جعل بعض الدول تعتبر الأمر غزواً ثقافياً وقررت مواجهته بكل الطرق.

ينقل الموقع عن فراس رضوان أوغلو، الكاتب والمحلل السياسي التركي، قوله إن السبب الأول هو الفراغ السياسي في المنطقة المحيطة "وهذا الفراغ سيملأه أي كان، تركيا أو إيران أو روسيا وبالتالي فالتمدد التركي طبيعي"، 

ويضيف رضوان أوغلو أنه "يجب ألا ننسى أن في المنطقة العربية كثير من المؤيدين لتركيا وللرئيس أردوغان ما يمثل بدروه عامل جذب قوي أيضاً".

كلمات رضوان أوغلو لم تكن الأولى في هذا السياق، فهناك جدل كبير يدور حول تراجع أدوار الدول العربية الكبرى كمصر والسعودية في الآونة الأخيرة، ما شجع تركيا كثيراً على أن تحاول رسم صورة جديدة لها كقائد للعالم السني. 

ويتابع رضوان أوغلو أن من ضمن أسباب للتمدد التركي كذلك الملفات الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بضمان حقوق تركيا في الغاز بمنطقة البحر المتوسط والحفاظ على مصالح الشركات التركية. 

ويرى خبراء ومحللون أن هناك المزيد من أوراق اللعب التي استغلها أردوغان "للتسسل" إلى المنطقة ومد نفوذ بلاده وهي غياب الديمقراطية في معظم دول العالم العربي باعتباره رئيسا منتخبا ديمقراطياً بجانب افتقاد صورة الزعيم (في العالم العربي) وهي النقطة التي لعب عليها أردوغان كثيراً بدغدغة مشاعر الشارع العربي بكلمات تتعلق بالقضية الفلسطينية والوقوف أمام "الهجمة على الإسلام". 

على الرغم من كون الاقتصاد التركي متنوع المصادر، حيث تنتج تركيا وتصدر الأغذية والملابس وقطع الغيار والحديد والصلب والمنتجات الكيميائية وقائمة واسعة من الآلات والتجهيزات المنزلية ومواد البناء، لكنه يعاني من أزمات مختلفة في الفترة الأخيرة لعل آخر تجليات تلك الأزمات الهزة الكبيرة التي شهدها عقب تهديد الرئيس الأمريكي بتدمير الاقتصاد التركي والتي أفقدت الليرة نحو 6 بالمائة من قيمتها في غضون أسبوعين. 

من جهة أخرى، يرى فادي حاكورة، الخبير في الشأن التركي بالمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية، أن الاقتصاد التركي في انحدار مستمر "ما جعل أردوغان يحاول الخروج من هذا الوضع الضاغط بالبحث عن امتداد سياسي واقتصادي للنفوذ التركي في المنطقة".

ويضيف وفقًا للموقع، أن "الوضع الاقتصادي الحرج في تركيا هو دافع اردوغان للتحرك والامتداد سياسياً واقتصادياً". على حد زعمه.

ويعتقد الخبير في الشأن التركي أن مساعي أردوغان لتحقيق ذلك قد "فشلت في السودان بخلع البشير وكذا انهيار علاقاته السياسية في مصر وخسائره المستمرة في سوريا فبقيت ليبيا الوحيدة التي يحاول مد نفوذه إليها ولا أعتقد أنه سينجح لأن أعداءه الداعمين لخليفة حفتر كثيرون وأقوياء".

ويختلف فراس رضوان، أوغلو الكاتب والمحلل السياسي التركي، مع هذا الطرح مذكراً بالأزمة الاقتصادية في إيران "والتي لم تثنيها عن استمرارها في سياساتها وتمدد نفوذها الإقليمي". 

ويتابع قائلاً: "إذا انتصر المحور الثاني في ليبيا قد ينتج عن ذلك إخراج النفوذ التركي والمصالح التركية الاقتصادية تماما ً من ليبيا، وهذا أسوأً كثيراً من الحفاظ على قيمة الليرة التركية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!