إبراهيم كيراس – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ زمن يدافع اردوغان عن النظام الرئاسي ويُطالب بتطبيقه، لكنه أصبح يهتم بهذا الهدف بصورة أكبر بعدما أصبح أول رئيس جمهورية يُنتخب بصورة مباشرة من الشعب، وخصوصا وأنّ الحزب الذي أسسه –حزب العدالة والتنمية- يستلم زمام الأمور في البلاد، وربما يحصل على أغلبية في البرلمان القادم تمكنه من تغيير الدستور، الذي يُعتبر أهم تحدٍ على طريق إنشاء النظام الرئاسي.

عدد المقاعد التي يملكها حزب العدالة والتنمية الآن في البرلمان لا تمكنه من تغيير الدستور لوحده، فمن أجل ذلك عليه الحصول على 367 مقعد، أما ما يملكه العدالة والتنمية اليوم هو 312 مقعد فقط، ومن المعلوم أيضا أنه بالإمكان تغيير دستور البلاد دون عرضه على البرلمان وإنما من خلال عرضه للتصويت والاستفتاء، لكن من أجل ذلك يجب أنْ يملك الحزب الحاكم 330 مقعد في البرلمان.

وأهم سؤال حساس وهام هو "هل الجميع في حزب العدالة والتنمية يدعم فكرة النظام الرئاسي؟"، من المعلوم أنّ عدد قليل من الأسماء داخل الحزب تحدثت في هذا الموضوع، ولذلك يُعتبر فكر البقية مجهول بالنسبة لنا، فاردوغان على سبيل المثال، الذي أعلن ويعلن بوضوح دعمه وإصراره على ضرورة تغيير النظام القائم وتحويله إلى نظام رئاسي، لا يمكن أنْ يغيّر فكره في هذا الموضوع، وربما يكون هذا التأييد موجود فعليا لدى قادة أحزاب المعارضة أيضا، لكنهم يظهرون معارضتهم للنظام الرئاسي فقط من أجل معارضة أي شيء يقوم به اردوغان أو حزب العدالة والتنمية.

ما أريد قوله هنا، هو أنّه من الممكن أنْ يتواجد داخل الحزب أسماء تنظر بسلبية تجاه موضوع النظام الرئاسي، ولهذا من الممكن أنْ يكون هناك أصوات "شاذة" من ممثلي العدالة والتنمية داخل البرلمان عندما يُعرض الأمر للتصويت، ولنا على ذلك مثال حصل في العالم 2010 عندما ظهرت أصوات من العدالة والتنمية مقدارها 10، رافضة لما طرحته كتلة العدالة والتنمية من قانون تقليل آليات إغلاق الأحزاب إلى أدنى مستوى ممكن، والملفت للانتباه أيضا هو أنّ هؤلاء قبلوا بالقانون في تصويتهم الأول، لهذا من الممكن أنْ يحدث حراك وتصويت سري داخل نفس الكتلة البرلمانية، وسيكون عرض الدستور الجديد للبلاد على البرلمان، حدثٌ يحصل للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية.

وهنا نجد الإجابة على سؤال "لماذا يُصر اردوغان على طلب الحصول على 400 مقعد في البرلمان القادم؟"، لكن هناك موضوع ونقطة أكثر حساسية وخطورة، وهو خطر احتمال تحويل الدستور الجديد للاستفتاء العام واردوغان رئيسٌ للجمهورية، وربما يتساءل البعض، "لماذا هناك خطر! كل ما على العدالة والتنمية أنْ يطلب أصوات مؤيديه وسيحصل على ما يريد".

ربما يبدو هذا الكلام ظاهريا صحيحا، لكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، توحيد الجهود المقابلة التي ترفض اردوغان، وتسعى لإسقاطه، فتلك الجهود ستلعب دورا حاسما في هذا الموضوع، فما تشكل بعد أحداث غزي بارك، هو منظومة سياسية يسهل إعادة تشكيلها من أجل التأثير على مسيرة اردوغان.

إذا حصل مثل هذا الاستفتاء، فستحشد المعارضة كل جهودها وتتوحد، ليس من أجل التأثير على حزب العدالة والتنمية، وإنما من أجل هزيمة اردوغان، وسيبذلون في سبيل ذلك كل الطرق التي ربما لم نشهد لها مثيل في السابق، فهؤلاء ليسوا أصحاب مبدأ، وإنما شغلهم الشاغل الإطاحة باردوغان، فهم نفسهم كانوا يتشدقون بالقومية، لكنهم الآن يريدون التصويت لحزب الأكراد فقط من أجل تقليل نسبة العدالة والتنمية.

انتبهوا جيدا، فشعار الحملة التي بدأت من أجل الانتخابات القادمة، ليس كما عهدنا أنْ يكون "لا تصوتوا للعدالة والتنمية"، وإنما حملة شعارها "لن نسمح بانتخابك رئيسا"، ومن أجل ذلك سيسعون إلى ضخ الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي ممثل الأكراد، ليتجاوز نسبة الحسم ليدخل البرلمان، وهم يعتقدون أنّ حصول الأخير على +2% من الأصوات سيمنع اردوغان من الوصول إلى هدفه.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس