أوفوق أولوتاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

حصل ما كان مُنتظر، السعودية تقود حلف غالبيته من الخليج، لتبدأ عملية عسكرية في اليمن، فالعملية بدأت من الجو، لكن هناك مؤشرات قوية تدل على أنها ستنطلق من البر أيضا، فمنذ مدة كانت السعودية تحشد جنودها على الحدود اليمنية.

أعربت بعض الدول العربية الأخرى عن استعدادها لدعم التحالف بالجنود، وعلى رأس تلك الدول مصر والسودان، ومن المتوقع أنْ تجري العديد من التحليلات والتوقعات لنتائج مثل هكذا حملة عسكرية، لكن ليس من الصعب أنْ نتوقع انعكاسات لهذه العملية، والتي ستنطلق من اليمن إلى سوريا وإلى موضوع المفاوضات النووية الإيرانية لتصل إلى ملف مكافحة داعش.

وسيكون السؤال الأبرز "كيف وصلنا إلى مرحلة دخول السعودية عسكريا إلى اليمن؟"، والسؤال الهام الآخر الذي يرافق هذا السؤال هو "كيف أنّ السعودية تحملت كل هذه المدة ولم تتدخل في الملف اليمني؟".

كان علي عبد الله صالح مستمرا في تحكمه في البلاد وكأنه رئيس لليمن، برغم تركه لمنصبه بصورة رسمية، فكان له ولابنه دور بارز في وضع الألاعيب تحت رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وتعاون مع الحوثيين باستخدام نفوذه في الجيش اليمني وسهل مهمتهم في السيطرة على اليمن شيئا فشيئا، ليحوّل الرئيس اليمني بعدها إلى الحبس المنزلي، وبكل تأكيد لا يمكن إغفال دور إيران في كل هذه الأحداث، فإيران التي تملك علاقات قوية جدا مع الحوثيين، قد ساهمت بدعمهم بكل أشكال الدعم العسكري، من التدريب إلى السلاح..الخ.

وهكذا بعد الحديث عن سوريا ولبنان والعراق، وصلت إيران لنقطة هامة وهي اليمن، لكن اليمن تختلف عن الدول الأخرى آنفة الذكر، لأن اليمن على "مرمى حجر" من السعودية التي تُعتبر المنافس الرئيسي لإيران، فاليمن تشكل قفلا هاما على حدود السعودية وأمنها الداخلي.

برغم الأهمية الجغرافية الهامة لليمن بالنسبة للسعودية، إلا أنها غضت الطرف مطولا على تمدد الحوثيين فيها، وكان وقوف الحوثيين ضد الإخوان المسلمين وضد القاعدة سبب هام من أسباب غض الطرف عما يجري من قبل السعودية، فربما كان يرى الملك الراحل عبد الله، احتمال حدوث سيناريو حرب بين الإخوان المسلمين والقاعدة من جهة وبين الحوثيين من جهة أخرى، حربٌ تُستنزف فيها قدرات الجهتين، لكن ما حصل هو أنّ الإخوان المسلمين ابتعدوا كليا عن الصراع المسلح، لينتشر الحوثيين بسرعة في اليمن بمساعدة علي عبد الله صالح، ليتحولوا إلى عُنصر تهديد رئيسي للمملكة العربية السعودية، وهكذا أصبح النفوذ الإيراني يسيطر على دمشق وبيروت وبغداد، وعلى صنعاء، الحديقة الخلفية للسعودية، وأول خطوة قام بها الملك السعودي الجديد، هي أنّه قام باستبعاد كل من قام بالتحالف الخاطئ إبّان حُكم الملك الراحل.

أصبح الشرق الأوسط يُقاد بحروب الوكالة، لذلك لم يعد ظهور العنصر البارز الذي يقود تلك الحروب أمرا مألوفا، فاليوم لا نرى من يقود الحروب فعليا في العراق ولبنان وسوريا واليمن في الساحة، وإنما يقودونها من خلال وكلائهم، لكن إيران دفعت بكل قواها في العراق وسوريا ليس من أجل دعم وكلائها هناك فحسب، وإنما من خلال بسط أحذيتها في تلك الدول، فبدأت تقود العمليات بصورة مباشرة، وتفقد عناصر من عساكرها، فإيران كبنية هيكلية ومجتمعية مؤهلة للقيام بتلك الأعمال العسكرية، فهي دولة لا تحتاج لأخذ الإذن من البرلمان، وهي ليست دولة بيروقراطية، وإنما يستطيع قاسم سليمان تقديم ما يشاء من المساعدات لحلفاء إيران، ويستطيع جمع مقاتلين أجانب وإرسال الميليشيات للمقاتلة هناك، وهذا يُعطي لإيران تفوق كبير في ساحات المعارك.

المملكة العربية السعودية تتقدم من خلال الدعم المادي، وهي في هذا الإطار لم تقدم مستوى جيّد في التعامل مع أحداث الربيع العربي المستمر منذ أربع سنوات، فاتخذت خطوات خاطئة، ودخلت في تحالفات استراتيجية خاطئة، واليوم تظهر تلك النتائج السلبية لقراراتهم أمامهم، فبينما كان نفوذ إيران يزداد في المنطقة، كانت السعودية مشغولة بمحاربة الظلال، لكن في اليمن، "ارتكزت السكين على العظم"*، لهذا اضطرت السعودية إلى الدخول في اليمن بخلاف الوضع في سوريا والعراق.

في المقابل، تدل كل الأمور والدلائل على أنّ ما يجري هو تصفية حسابات، فما يحصل هو تصارع قوتين مذهبيتين برغم استخدام إيران لعنصر المذهب بصورة أكبر من السعودية، إلا أنه في المحصلة أكثر من يدفع الثمن هي شعوب هذه المنطقة للأسف.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس