إحسان أقطاش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

يرتبط المثل الإنجليزي الذي معناه "يأخذ الأمر على محمل الجد" ارتباطا خاصا بنظامنا الرأسمالي الليبرالي الجديد والعالمي. وكما تعلمون يحتاج المرء لركوب الخيل، إلى وضع لجام يسمح للراكب بالتحكم في الحصان، لكن عندما يضع الحصان فكه على القطعة الحديدية أو يمسكها بأضراسه، يفقد المتسابق السيطرة.

على مدى العقد الماضي، أخذ النظام الرأسمالي الدولي االأمور بجدية.

في القرن الماضي، حل النمو والتنافس الدولي الشرس وغير المقيد الذي تمثله الشركات متعددة الجنسيات محل الثقافة الرأسمالية التنموية والاستعمارية للغرب.

في السبعينيات، كانت التنمية ما تزال موجودة على الساحة الدولية. خلال الأزمات الإنسانية الخطيرة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحركات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وحرب البوسنة، توصلت الدول إلى قرارات طمأنت على الأقل ضمير الإنسانية.

لكن في ربع القرن الماضي، دمر الصراع الدولي بين القوى العالمية السلام والنظام الداخلي للدول الأصغر. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، عاش الشعب الأفغاني في أغلبه لاجئا. وبسبب الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران، أصبح ما لا يقل عن مليوني عراقي لاجئًا.

اليمن دمره الصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية. وفي حين تقصف الطائرات الحربية السعودية والإماراتية المدنيين، تواصل إيران تسليح الحوثيين وتقوية الميليشيات من أجل مصالحها الإقليمية. حُرم ما يقرب من مليون طفل في اليمن من المياه النظيفة والغذاء الصحي.

وبدعم من منظمات استخبارات غربية مختلفة، تستمر عشرات المنظمات الإرهابية في أفريقيا بإحداث الفوضى في القارة. ومع أن الشركات الأمريكية الرائدة، مثل Google أو Microsoft، يمكنها حل مشكلة الجوع في إفريقيا، فإنها تواصل التجاهل في وقت ما يزال فيه مئات الآلاف من الأفارقة عرضة لخطر المجاعة.

لقد فقد الناس في جميع أنحاء العالم اهتمامهم بالأزمة الإنسانية الطويلة الأمد في فلسطين. وبالمثل، لا يبدو أن أحدًا يولي اهتمامًا كبيرًا لحقيقة أن الصين حولت مقاطعة بأكملها في شرق تركستان إلى سجن مفتوح.

في غضون ذلك، أصبح نصف الشعب السوري لاجئا، هربًا من بلد أصبحت فيه الجرائم ضد الإنسانية شائعة. وفي إدلب، لو لم تتدخل تركيا في الأزمة السورية، لكان 4 ملايين سوري آخرون قد أصبحوا لاجئين.

بالنظر إلى كل هذه التطورات الأخيرة، من الواضح أن القانون والمؤسسات الدولية أصبحت لا قيمة لها. إن الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف، والمحاكم الدولية لحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني الدولية صارت غير فعالة. الشعوب المضطهدة في العالم تُخلي عنها منذ مدة طويلة.

في الحدود التركية اليونانية، يكافح عشرات الآلاف من اللاجئين لعبور الحدود اليونانية سعيًا إلى حياة أفضل في القارة الأوروبية. لكن الحكومة اليونانية في انتهاك للقانونين الدولي والأوروبي، "ترحب" بهؤلاء اللاجئين بقنابل الغاز والرصاص المطاطي والرصاص الحقيقي.

في معركتنا ضد تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه جائحة، يجب أن يعلن أيضا أنّ النظام الرأسمالي غير المقيد والسياسات الوطنية الأنانية ضارة. يجب أن نتعلم دروسًا من أخطائنا وأن نتصرف بتضامن ليس للتغلب على جائحة الفيروس فحسب، ولكن لحل أزمة اللاجئين أيضا.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس