حسن بصري يالتشين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

قبل مئة عام توجه ضباط عثمانيون في ظل قلة حيلة الدولة إلى ليبيا. لم يكن ممكنًا حينها إرسال الجيش. بل إن الضباط اضطروا للذهاب بهويات سرية دون أي ضمانات من الدولة، لأنه حتى تنظيم القبائل في ليبيا كان يعتبر عملًا خطيرًا. 

وفي النهاية، عادوا بخفي حنين. هذه واحدة من القصص المؤلمة في تاريخنا، ومحطة مهمة من محطات انهيار الدولة العثمانية. 

واليوم، تعود ليبيا إلى أجندة تركيا، ليكتشف الشارع التركي، الذي نسي تقريبا ليبيا، أن مصالحه الأمنية يمكن أن تمتد إلى مناطق بعيدة. 

نخطأ بتفكيرنا أن أمن بلد ما عبارة فقط عن حدوده البرية. بدأنا ندرك أن ليبيا هي جارة لنا. يتوجب اتخاذ تدابير ليس فقط مع الدول التي نشاطرها حدودًا، بل مع بلدان وراء ذلك. 

أدركنا أهمية سوريا والعراق لأن البلدين من المواد الساخنة على الأجندة وكانا مصدر تهديدات بالنسبة لتركيا على مدى فترة طويلة. 

والآن بدأنا نستوعب ما تعنيه ليبيا لسياستنا الخاصة بشرق المتوسط وقبرص. وقد نضطر في قادم الأيام إلى القيام بمناورات من أجل حدودنا في إيجة والبلقان، ليس في اليونان فحسب، بل في البلقان وحتى أوروبا.

هذه حقيقة معروفة ومكررة لكن في كل مرة تظهر في مواجهتنا نرتبك ولا نستطيع الامتناع عن الدخول في نقاشات لا داعي لها. 

ويبدو أن اهتمامنا بهذه المواضيع مرتبط بمعايير النجاح. عندما تسوء الأمور في سوريا تظهر عقلية تتساءل "ما شأننا بسوريا". أما عندما تكون العملية ناجحة فيسود إقرار صامت. 

مع أنه ينبغي على الشارع إدراك أن بعض المناطق الهامة أصبحت ضرورة استراتيجية لا جدل فيها، وأن لا يثير نقاشًا حولها في كل مرة. 

على سبيل المثال، البريطانيون لا يجادلون في أهمية بلجيكا. حتى لو حدث بعض الفشل من حين لآخر، يجب ألا ندفن رؤوسنا في التراب ونقول "ماذا كان الداعي لذلك؟". يجب أن نتعلم إعادة الكرّة. 

ليس هناك بلد في العالم لم يخسر حربًا. إن لم يحقق بلد ما مصالحه في فترة ما فهذا لا يعني أن المالح انتفت. على العكس، يعني ضرورة وضع خطة وبدء استعدادت جديدة. 

لم تعد تركيا ضعيفة كما كانت قبل مئة عام، ولهذا أصبحت النجاحات تدعم الحالة النفسية للمجتمع. اتضح أن تركيا قادرة على تنفيذ عملية في ليبيا، دون أن تنهار الدنيا فوق رؤوسنا..

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس