ترك برس

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار في "قره باغ"، مع بقاء قوات البلدين متمركزة في مناطق سيطرتها الحالية.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، اعتبر الاتفاق بمثابة نصر لبلاده، وأن الانتصارات التي حققها الجيش أجبرت رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على قبول الاتفاق مكرها.

وينص الاتفاق على استعادة أذربيجان السيطرة على 3 محافظات تحتلها أرمينيا، خلال فترة زمنية محددة، وهي كلبجار حتى 15 نوفمبر/ تشرين ثان الجاري، وأغدام حتى 20 من الشهر نفسه، ولاتشين حتى 1 ديسمبر/ كانون أول المقبل.

توقيع اتفاق السلام لقي ترحيبا واسعاً في الأوساط الرسمية والشعبية والإعلامية في تركيا، حيث تناولت وسائل الإعلام التركية الاتفاق على أنه انتصار لأذربيجان ونجاح في تحرير أراضيها المحتلة منذ عقود، تحدث ناشطون عن الاتفاق باعتباره انتصار لأنقرة التي اعتبروها شريكاً أساسياً في القتال.

رسول طوسون، القيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، أكد أن الخطوط العريضة للاتفاق وضعت بالتوافق بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل يوم من توقيع الاتفاق، ثم جرى لقاء بين وزيري خارجية البلدين.

وأكد طوسون أن تركيا ستشارك في وحدات حفظ السلام إلى جانب القوات الروسية، وكذلك سيكون هناك ضباط أتراك في مركز مراقبة وقف إطلاق النار، وفقاً لما نقلته "الجزيرة نت."

وقال النائب البرلماني السابق طوسون إن انتصار أذربيجان انتصار لتركيا "فعلاقتنا بأذربيجان علاقة شقيق بشقيقه ونحن شعب واحد في دولتين".

وأضاف "الاتفاق يتضمن نقطة مهمة جدا لنا وهي إيجاد ممر بري يربط أذربيجان بإقليم ناخيتشيفان مما يعني ارتباط أذربيجان مع تركيا بريا لأول مرة، وهو الأمر الذي كانت تسعى بعض الدول لإفشاله، وهذا بالطبع انتصار جيو إستراتيجي لتركيا".

من جهته، أكد مصدر في دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية أن "التوصل إلى الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان جاء بعد مبادرات تركية وروسية منذ بداية المواجهات الأخيرة".

وقال "بنود الاتفاق ملائمة جداً لأذربيجان وتركيا، بخاصة أنه يمنح أذربيجان ممراً للصلة المباشرة مع تركيا، ويعيد إليها أراضيها المحتلة من قبل أرمينيا".

وأوضح أن الهدف الرئيس في الوقت الحاضر هو ضمان سلامة أراضي أذربيجان، وأنقرة ستبقى على تواصل وتماس مع باكو لإفشال أي تهديد مستقبلي من العصابات الأرمينية على الأراضي الأذربيجانية، على حد وصفه.

ولفت إلى أن الاتفاق سمح أيضا لتركيا بأن تصبح قوة مؤثرة في جنوب القوقاز، وأن يكون لها رأي أقوى في قضايا الطاقة، فأذربيجان مهمة لتركيا في قضية أمن الطاقة.

وبحسب المصدر فإن تطبيق الاتفاق يعني فتح قنوات تواصل اقتصادي بين تركيا وأذربيجان، وأيضا مع أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان وصولا الى طاجيكستان وأفغانستان وباكستان، وكل ذلك بدون المرور عبر إيران.

وقبل الاتفاق، كان الوصول إلى إقليم ناخيتشيفان يتطلب المرور إما عبر إيران أو من خلال أرمينيا، لكن بعد استعادته سيتيح الإقليم لأذربيجان الاتصال الجغرافي مع تركيا من خلال شريط حدودي فاصل بطول 23 كيلومترا، ونافذة عرضها 8 كيلومترات.

وإقليم ناخيتشيفان (نَخجَوان) منطقة تابعة لأذربيجان، ويتمتع بحكم ذاتي ويقع بين أرمينيا وإيران وتركيا على الهضبة الواقعة جنوب منطقة القوقاز، وتحمل عاصمته نفس الاسم، ويعد الإقليم من أكثر أجزاء الاتحاد السوفياتي السابق عزلة، ونادراً ما يزوره السياح.

وتبلغ مساحته نحو 5363 كيلومترا مربعا، وهو منفصل جغرافيا عن باقي أذربيجان، لكنه تابع لها، ويبلغ تعداد سكانه 450 ألف نسمة، ومن أشهر أبنائه حيدر علييف الرئيس السابق لأذربيجان، وإلهام علييف الرئيس الحالي، وكذلك عديد من قادة الجمهورية الحاليين.

وبحسب وسائل إعلام تركية فإن الدبابات التركية والقوات البرية الأخرى قد تصل إلى ناخيتشيفان بطريقة خاصة.

وتحدثت صحف تركية عن أنه -وعلى طول الطريق بين تركيا وناخيتشيفان وأذربيجان- توجد سكة حديدية قيد الإنشاء ستتيح إمكانية نقل أنواع مختلفة من البضائع الإستراتيجية.

وعزز تلك الأنباء تصريح سابق لخبير مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيميونوف، قال فيه ردا على حدوث قصف أرميني على إقليم ناخيتشيفان خلال الأزمة في إقليم قره باغ "يمكن أن تغير هذه الهجمات طبيعة الصراع بأكمله".

وأضاف "في حال امتدت الأعمال العدائية بالفعل إلى ناخيتشيفان، يمكن لأنقرة نقل وحداتها إلى هناك، باستخدام البنية التحتية العسكرية الأذربيجانية الموجودة هناك بالفعل".

وحسب وسائل الإعلام الأذربيجانية، فقد جرى خلال لقاء سابق بين وزير الدفاع التركي ووفد أذري عسكري رفيع إعداد وثائق مهمة للغاية بين باكو وأنقرة، وناقش الجانبان مسألة إنشاء قاعدة عسكرية تركية في ناخيتشيفان، معقل أذربيجان المتاخم لتركيا.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!