ترك برس

تناول تقرير في شبكة الجزيرة القطرية التطورات التي تشهدها العلاقات بين تركيا ومصر في الآونة الأخيرة وسط توقعات بحدوث تهدئة بين الطرفين خلال عام 2021.

وأكّد أنه بعد سنوات من القطيعة والتوتر السياسي بين مصر وتركيا، شهدت العلاقات بين البلدين الأشهر الأخيرة تطورات تؤشر لرغبة مشتركة في التهدئة، في ظل تحولات وتفاعلات إقليمية ودولية قد تدفع إلى سيناريوهات دراماتيكية في تحالفات المنطقة.

يعود الخلاف التركي المصري إلى صيف 2013، منذ أن عارضت أنقرة الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، حين كان (الرئيس الحالي) عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع.

وزادت حدة الخلاف مع التطورات والصراعات الإقليمية على مناطق النفوذ والتنقيب عن الغاز شرق البحر المتوسط، خلافا للأزمة الليبية التي وصلت حد المواجهة بين البلدين، قبل أن يدعم الطرفان بشكل منفصل اتفاقا لوقف النار.

ووفق مؤشرات، فمن المتوقع أن تشهد العلاقات المصرية التركية تهدئة عام 2021، لكن دون أن تصل إلى عودة العلاقات الطبيعية لما كانت عليه قبل 7 سنوات.

رغم استمرار السيسي في دعم جبهات مناوئة للنظام التركي مع قبرص واليونان وإسرائيل والإمارات، قدم خلالها تنازلات كبيرة، فإن مؤشر العلاقات خلال 2020 اتسم بوتيرة غير ثابتة، أبرزها:

وصرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده ومصر تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية، مشيرا إلى أن التواصل الاستخباراتي بينهما مستمر لتعزيز العلاقات، وأن الحوار قائم على مستوى الخارجية، مؤكدا وجود مساع للتحرك وفق مبدأ عدم التضارب بالمحافل الدولية.

وفي يونيو/حزيران أكد جاويش أوغلو أن الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات مع مصر عبر "الحوار والتعاون مع تركيا بدلا من تجاهلها".

في أغسطس/آب أكد ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي أهمية التواصل بين البلدين رغم الخلافات، مشيرا إلى وجود تفاهمات، وهي تصريحات ردت عليها القاهرة بأنها "تحتاج إلى أفعال وسياسات لبدء صفحة جديدة".

بعد أيام من حديث أقطاي، قال الرئيس أردوغان إن بلاده لا تمانع الحوار مع مصر.

في أكتوبر/تشرين الأول، رفضت أنقرة انتقادات مصرية واتهامات بأن تركيا "تزعزع الاستقرار بالمنطقة".

بقي الملف الاقتصادي بعيدا عن التوترات السياسية، إذ تجاهل البرلمان المصري مطلع 2020 طلبا بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع تركيا عام 2007، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2013.

تنتهي الاتفاقية رسميا نهاية 2020، إلا أنه على أحد الطرفين إبلاغ الآخر قبل 6 أشهر من اتخاذ قرار إنهائها، مما يؤشر إلى استمرار تفعيلها.

بحسب طارق دياب الباحث والمحلل السياسي المصري بالعلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط، فإن أبرز مؤشرات التهدئة بالملف الليبي:

عدم حدوث مواجهة عسكرية بين البلدين.

إعلان أردوغان أن هناك اتصالات متبادلة مع مصر على المستوى الاستخباراتي.

دعم الطرفين اتفاقا لوقف النار في ليبيا.

التزام القاهرة بسياسة الحياد الإيجابي الذي يحتم عليها عدم الانحياز لأحد طرفي النزاع، ونسج علاقات قوية مع الطرفين كمدخل للقيام بدور الوساطة والتهدئة.

أما ما يتعلق بشرق المتوسط، فقد رصد دياب أبرز المؤشرات المصرية لوضع حدا للتوتر بهذا الملف وتحجيمه، والتي تمثلت في:

 رغم ردود الفعل التركية الغاضبة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، فإن هناك معطيات ضمن الاتفاق أتت لصالح تركيا وسرديتها القانونية.

وفقا للاتفاق قدَّمت اليونان تنازلا جوهريا عندما قبلت رسم حدودها البحرية الاقتصادية مع الجانب المصري بداية من الساحل اليوناني الرئيسي، وليس جزيرة كريت، وأن الاتفاق لم يمنح الأخيرة جرفا قاريا، ولكن مجرد مياه إقليمية محدودة.

بذلك، يقدم الاتفاق دعما مباشرا للموقف التركي في النزاع مع اليونان حول الحدود البحرية الاقتصادية لكل منهما شرق المتوسط وفي بحر إيجه.

من جانب آخر، رصد الباحث والكاتب الصحفي التركي عبد الله أيدوغان انعكاسات التهدئة بين البلدين العام الجديد، والتي تتمثل في التالي:

الملف الليبي سيكون الأكثر خلافا بين البلدين الفترة المقبلة.

زيادة التوتر في ليبيا ستنعكس على العلاقات المصرية التركية، وحال عودة الحرب ستشهد العلاقات مزيدا من التوتر.

استبعاد وجود توتر كبير بين تركيا ومصر في ملف شرق المتوسط، والخلاف بين تركيا واليونان فقط.

التواصل بين مصر وتركيا في الملف الأمني، استخباراتي فقط، وسيظل قائما في هذا الإطار.

من المستبعد انعقاد لقاء وزاري الفترة الحالية بين البلدين.

ملف المعارضة المصرية في تركيا لن يتغير عما هو عليه.

الكثير من القنوات المعارضة المصرية والعربية تعمل في تركيا لأسباب منها وجود جاليات كبيرة أو قلة تكلفة التدشين.

استمرار الوضع على ما هو عليه في العلاقات المصرية التركية.

بحسب المحلل السياسي المصري دياب فإن هناك العديد من التطورات الإقليمية والدولية التي ستؤثر على مستقبل العلاقة بين البلدين، أبرزها:

ملف التطبيع بين إسرائيل وبعض دول الخليج يجب أن يمثل دافعا لمصر لإعادة النظر في إستراتيجية سياستها الخارجية وأدواتها.

موجة التطبيع لن تؤثر فقط على الدور الإقليمي المصري في ظل تصاعد الدور الإسرائيلي وسعيه نحو الهيمنة الإقليمية من البوابة الخليجية، بل مرجح أن تؤثر على المقدرات الإستراتيجية المصرية كقناة السويس.

التطورات المتعلقة بوصول جو بايدن للبيت الأبيض وما يتزامن معه من حل الأزمة الخليجية واحتمال عودة تحسن العلاقات التركية السعودية، مما قد يمثل عاملا مهدئا لسياسة المحاور الإقليمية المشتعلة بالمنطقة.

ليس من المرجح أن تؤثر هذه التطورات إيجابيا على ملف العلاقات المصرية التركية خلال العام المقبل، على الأقل في النصف الاول من هذا العام.

المرجح أن الدولتين ستستمران في سياسة وضع حدود لتوتر علاقاتهما البينية، دون أن تصل حد عودة وتحسن هذه العلاقات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!