ترك برس

قال الرئيس رجب طيب أردوغان، إن أنقرة تنتظر من سفراء دول الاتحاد الأوروبي دعم فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الأوروبية، على مستويي الاتحاد والدول.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس أردوغان، الثلاثاء، لدى استقباله سفراء دول الاتحاد الأوروبي في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

وأعرب أردوغان عن رغبة بلاده في إعادة علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي إلى مسارها وفق رؤية طويلة الأمد، مشددا على أنه من الممكن تحويل 2021 إلى عام النجاحات في العلاقات التركية الأوروبية.

وأضاف: "كما أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان خيارا استراتيجيا لبلادنا منذ 60 عاما، فإن الموافقة على هذا الانضمام ستكون خيارا وجوديا بالنسبة إلى مستقبل الاتحاد".

وأشار إلى أن معاداة الإسلام تهدد 6 ملايين مسلم في أوروبا، وأن هذه الظاهرة باتت بقعة سوداء تلطخ القيم الأوروبية.

وفيما يخص مستجدات الأوضاع في جزيرة قبرص وشرقي البحر المتوسط، قال أردوغان، إنه بات من الواضح أن أي معادلة بمنطقة شرق المتوسط لن تفضي إلى سلام ما لم تكن تركيا وقبرص التركية فيها.

وشدد على معارضة بلاده كافة المحاولات الرامية إلى حبس تركيا ضمن سواحلها من خلال خرائط لا تمت للحقيقة بصلة.

وأردف: "علينا تحويل منطقة شرق البحر المتوسط إلى بحيرة للتعاون بما يخدم مصالحنا جميعا، بدل جعلها ساحة تنافس".

وأشار أردوغان إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يتواصل مع الجانب التركي من جزيرة قبرص في الآونة الأخيرة، وتساءل الرئيس عن كيفية لعب الاتحاد دورا إيجابيًا في حل الأزمة القبرصية.

واستطرد بهذا الخصوص: "علينا مناقشة بدائل جديدة وحقيقية بدلا من الحديث مجددا عن النماذج التي فشلت في حل القضية القبرصية".

وتابع: "للأسف عام 2020 لم يكن بمستوى الطموح بالنسبة إلى العلاقات التركية الأوروبية، فقد اضطررنا للتعامل مع العديد من المشاكل التي كانت أغلبها مصطنعة، فبعض دول الاتحاد الأوروبي سعت لنقل مشاكلها الخاصة مع تركيا إلى أروقة الاتحاد".

وأضاف: "قامت تلك الدول باستغلال مفهوم التضامن داخل الاتحاد الأوروبي وألحقت ضررا بالعلاقات القائمة بين أنقرة وبروكسل، وهذا الموقف يخل بعلاقاتنا الثنائية ويضعف طموح الاتحاد في التحول إلى قوة إقليمية ودولية".

ولفت إلى أن العمى الاستراتيجي الذي أصاب الاتحاد الأوروبي ظهر جليا في مسألتي شرق المتوسط والقضية القبرصية.

وأكد أن تركيا ترغب في إحلال السلام والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، مبينا أن كافة مشاريع الطاقة التي أقدمت أنقرة تركيا حتى الآن ساهمت في توفير أمن الطاقة للاتحاد الأوروبي.

وزاد: "لا نريد أي شيء ليس من حقنا في شرق المتوسط، ونسعى فقط للحفاظ على حقوقنا هناك. لا نرغب أبدا في التصعيد".

وبيّن أن البحر المتوسط يعد بمثابة مأوى وسقف لجميع البلدان المطلة عليه، مشيرا أن مؤتمر المتوسط الذي تسعى تركيا إلى عقده يخدم هذا المفهوم.

كما ذكر بأن مشاركة جميع الأطراف بما في ذلك جمهورية شمال قبرص التركية، في تأسيس منتدى التعاون في مجال الطاقة، ستكون مفيدة للجميع.

ودعا الرئيس التركي، الجانب اليوناني إلى تجنب الفعاليات والخطوات التي من شأنها تصعيد التوتر في المنطقة.

وشدد على ضرورة أن يراجع الاتحاد الأوروبي حساباته فيما يخص القضية القبرصية.

وأشار إلى أنّ الغموض الذي أعقب "بريكست" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، سينقشع عندما تأخذ تركيا مكانها الذي تستحقه في الأسرة الأوروبية.

وأكد رغبة بلاده في إعادة رسم العلاقات التركية الفرنسية وفق رؤية منهجية، والتخلص من التصدعات في العلاقات الثنائية، مرحبا بالخطوات التي اتخذت في هذا الصدد مؤخرا من قبل الدولتين.

ولفت إلى أن تركيا وأوروبا تتشاركان نفس الجغرافيا منذ ألف عام، قائلا: "كما أن التاريخ التركي لا يمكن قراءته دون أوروبا، كذلك تاريخ أوروبا لا يمكن فهمه بدون الأتراك"

ومضى قائلا: "نحن كشعب نرى مستقبلنا مع أوروبا. ومنذ 60 عاما نكافح من أجل نيل العضوية، ورغم الظلم وسياسات الكيل بمكيالين التي تعرضنا لها، لم نحد عن هدفنا النهائي بنيل العضوية".

وأفاد بأنّ حكومة "العدالة والتنمية" التي ترأسها، قطعت أشواطا خلال 18 عاما، في تحقيق العدل والحريات للمواطنين الأتراك، والتزمت بـ"شروط كوبنهاغن" (للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي).

وشدد أردوغان على أنهم أعادوا تركيا إلى مسار الديمقراطية، وتجاوزوا حقبة الانقلابات العسكرية والسياسات المناهضة للديمقراطية، وذلك بتغيير ثلثي مواد الدستور.

ووصف كل الخطوات التي قاموا بها لتعزيز الديمقراطية والحقوق في تركيا بأنها "ثورة صامتة"، وأن هذه الثورة تجلت في التصدي للمحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016.

واستدرك أن بلاده لم تتلق ما كانت تتوقع من دعم من الدول الأوروبية في مواجهة المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تسببت باستشهاد 251 من المواطنين الأتراك، وأنّ أعضاء منظمة "غولن" الإرهابية لم يتعرضوا لأي تحقيق في الكثير من تلك الدول، ويواصلون حياتهم فيها بشكل طبيعي.

** ملف الهجرة

وأكد الرئيس أردوغان ضرورة تحديث اتفاق 18 مارس/ آذار 2016 (بشأن الهجرة)، مع الأخذ بالحسبان الحقائق المتغيرة في موضوع الهجرة، وبما يسهم في الدفع بالعلاقات التركية الأوروبية وإكسابها الثقة.

وأوضح أن تركيا أوفت بما يترتب عليها بموجب الاتفاق، وتقدمت بمقترحاتها لتحديثه، لكن حتى الآن لم تتلق ردا على مقترحاتها من الجانب الأوروبي.

ولفت إلى أن تحديث الاتحاد الجمركي وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول، وإحراز تقدم في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، جزء لا يتجزأ من اتفاق 18 مارس.

وشدد أردوغان على ضرورة استئناف عقد القمم التركية الأوروبية واجتماعات الحوار رفيع المستوى، وأن ذلك سيكون مفيدا للجانبين.

وأوضح أنه طرح هذا الموضوع خلال مباحثاته الأخيرة قبل فترة قصيرة، مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، واقترح عليهما اللقاء في تركيا نهاية الشهر الجاري، الأمر الذي لاقى قبولا منهما.

كما لفت إلى أنه اقترح على دير لاين، التوجه معها إلى شمالي سوريا، للاطلاع على الخدمات التي تقدمها تركيا للنازحين هناك عن كثب، ولا سيما منازل الطوب التي تبنيها لهم.

وأشار إلى أن تركيا سبق أن تلقت تعهدا من الاتحاد الأوروبي ببناء عدد كبير من تلك المنازل للنازحين السوريين، لكن لم يتم تقديم أدنى دعم حتى الآن.

وشدد الرئيس أردوغان على أن تركيا لا تشكل عبئا على أحد بل دولة تتقاسم الأعباء، وأنه ينبغي عدم نسيان تضحياتها فيما يتعلق بالحيلولة دون تدفق طالبي اللجوء على أوروبا.

وأوضح أن تركيا هي الدولة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم خلال السنوات الـ 6 الأخيرة.

وبين أن تركيا تستضيف ما يناهز 4 ملايين سوري فقط على أراضيها، كما أنها تقوم بتقديم مساعدات منتظمة لنحو 5 ملايين سوري في الجانب الآخر من الحدود.

ولفت إلى أنه بينما قدم الاتحاد الأوروبي دعما بـ 3 مليارات يورو لإحدى الدول من أجل 100 ألف لاجئ، لم يلتزم بشكل تام بتعهده لتركيا بتقديم مساعدات على شكل حزمتين 3+3 مليارات يورو، لصالح 4 ملايين لاجئ في لديها.

وأكد أنه رغم ذلك، فإن تركيا مستعدة لإظهار الإرادة ذاتها مجددا فيما يتعلق بالإدارة المشتركة لملف الهجرة.

** مكافحة الإرهاب

من ناحية أخرى، أكد الرئيس أردوغان ضرورة تحقيق تقدم فيما يخص التعاون مع الجانب الأوروبي في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أنه لا توجد أي دولة ضمن الاتحاد الأوروبي خاضت نضالا مشرفا في الكفاح ضد تنظيم "داعش" مثلما فعلت تركيا.

واشتكى من قيام دول غربية بتقديم المأوى والدعم لعناصر منظمة "بي كا كا/ ي ب ك" الإرهابية، فيما تقوم تركيا بمكافحة هذه المنظمة (في سوريا).

وأردف أن الحدود الجنوب الشرقية لأوروبا وحلف شمال الأطلسي "ناتو" تبدأ من جنوب وجنوب شرقي تركيا، وأنه يتعين تعاون كافة الحلفاء في مكافحة الإرهاب.

وأضاف متسائلا: "لم نترك أيا من دول الناتو بمفردها في الكفاح ضد الإرهاب، لكن لماذا تتركنا وحدنا في كفاحنا ضده؟".

وأشار إلى تواجد تنظيمات إرهابية شمال شرق سوريا، مثل "ي ب ك/ بي كا كا"، و"داعش"، وأن دول التحالف الدولي في المنطقة تركت تركيا وحيدة في كفاحها ضد تلك التنظيمات.

وأوضح فيما يخص الشأن الليبي، أنه "لولا التدخل التركي ضد الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، لكان قد تم القضاء على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي، وإن وجودنا هناك أطال عمر الحكومة الشرعية".

ولفت إلى أن تركيا ساهمت في أمن القارة الأوروبية، من خلال عملياتها ضد التنظيمات الإرهابية، مضيفا أن بلاده ألقت القبض حتى اليوم على 9 آلاف إرهابي أجنبي في مناطق النزاع، وأعادتهم إلى بلدانهم.

وأضاف أن تركيا طهرت شمالي سوريا من التنظيمات الإرهابية، بعدما كانت تسرح فيها كيفما تشاء، الأمر الذي ساهم في عودة أكثر من 420 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم.

وأكد أن الوجود التركي في منطقة إدلب، شكل عائقا أمام وقوع مأساة إنسانية جديدة، وقطع الطريق أمام أزمة لجوء جديدة بالمنطقة.

وأشار إلى تحرير الجيش الأذربيجاني إقليم قره باغ بعد 30 عاما من الاحتلال الأرميني، موضحا أن ما عجزت مجموعة "مينسك" عن تحقيقه خلال 30 عاما، نجحت فيه أذربيجان في 44 يوما بفضل الدعم التركي.

وشدد على تطابق مصالح الاتحاد الأوروبي مع تركيا، وأن تحويل 2021 إلى عام النجاحات في العلاقات التركية الأوروبية، هو أمر مرتبط بكلا الجانبين.

وبين أنه سيستقبل رئيسة المفوضية الأوروبية، أواخر الشهر الجاري، وأن وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، سيجري زيارة إلى بروكسل قبيل ذلك بتاريخ 21 يناير/ كانون الثاني.

وكشف أن حكومته تضع اللمسات الأخيرة على جملة من الإصلاحات الاقتصادية والقضائية، وأنه سيتم إعلانها للرأي العام قريبا فور اكتمالها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!