ترك برس

شهدت ألمانيا، السبت الماضي، انتخاب السياسي الألماني المعتدل أرمين لاشيت، خلفاً للمستشارة أنجيلا ميركل في رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم.

وحصل لاشيت على أغلبية تمثلت في 521 صوتا من أصل 1001 مندوب تمت دعوتهم للتصويت، متقدما بذلك على فريدرش ميرتس (466 صوتا) المنافس التاريخي للمستشارة والمؤيد لتوجيه الحزب إلى اليمين، حسب نتائج الاقتراع الداخلي.

واستفاد لاشيت -الذي حل ثانيا بعد ميرتس في الدورة الأولى- من أصوات أنصار مرشح ثالث هو نوربرت روتغن المؤيد لخط معتدل والذي خسر من الدورة الأولى.

ويبلغ لاشيت من العمر 59 عاما، ولديه نقاط قوة كثيرة، وهو صحفي معتدل، لكنه تعرض لانتقادات في معالجته وباء كورونا في منطقة رينانيا (شمال فيستفاليا)، التي تضم أكبر عدد من السكان في ألمانيا.

وينحدر الزعيم الجديد للحزب الحاكم في ألمانيا من أصول بلجيكية لعائلة من الروم الكاثوليك، وحصل على إجازة في القانون وعمل صحفيا، وانتخب عام 1994 عضوا في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، كما انتخب عام 1999 عضوا في البرلمان الأوروبي.

وفي عام 2005 أصبح وزيرا في حكومة ولاية شمال الراين، ثم رئيسا لوزراء الولاية عام 2017، إذ تحالف حينها مع الليبراليين.

ويُوصف لاشيت بالانفتاح، ويُعرف عنه دعمه لسياسة المستشارة أنجيلا ميركل المتعلقة بفتح ألمانيا أمام اللاجئين، حتى أن الألمان يطلقون عليه لقب "أرمين التركي"، في إشارة إلى الجالية التركية، أكبر جالية مهاجرة في ألمانيا، بحسب ما نقله تقرير نشرته "الجزيرة نت."

وفي خطه السياسي الداخلي، عرف لاشيت بآرائه الليبرالية وعلاقاته القوية بالجاليات المهاجرة، كما أنه يوصف بالمدافع الشرس عن سياسات الهجرة التي تبنتها المستشارة ميركل خلال أزمة اللجوء عام 2015.

ورفض لاشيت مقترحات حظر لبس غطاء الوجه (النقاب)، ووصفها بأنها "نقاش زائف" وتشتيت الانتباه عن القضايا الأكثر إلحاحا.

وعلى المستوى الأوروبي، يسعى لاشيت إلى تعزيز الاتحاد الأوروبي في قضايا مثل مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى سياسة الطاقة، كما يرغب في جعل رئيس المفوضية الأوروبية يُنتخب مباشرة من قبل الناخبين الأوروبيين.

وقال في تعليقه على فوزه "أريد أن ننجح معا"، وأن يصل الاتحاد المحافظ الألماني الذي يضم الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الشقيق البافاري الاتحادي الاجتماعي المسيحي، إلى المستشارية في سبتمبر/أيلول المقبل.

ويقرأ فوز لاشيت سياسيا بأنه فوز لتيار الوسط في قلعة المحافظين الألمان، ويرى رئيس تحرير صحيفة "هندسبلات" الألمانية ماتياس بروغمان أن فوز لاشيت نتيجة جيدة لألمانيا؛ إذ يعد امتدادا لنهج ميركل السياسي.

أما حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتشدد فقد علق على فوز لاشيت بالقول "خبر سيئ لألمانيا؛ إنهم يواصلون إنتاج أمثال لميركل".

وفي مسيرته نحو المستشارية، قد يجذب لاشيت الناخبين من الوسط، وإذا ترشح في سبتمبر/أيلول المقبل، فقد يتمكن من بناء تحالف محتمل مع حزب الخضر، ثاني أكبر قوة في البلاد.

ورأت أسبوعية "دير شبيغل" (Der Spiegel) أنه ينبغي "عدم الإقلال من شأن" لاشيت في السباق نحو منصب المستشارية، وقارنت مسيرته بمسيرة المستشار الأسبق هلموت كول الذي لم يعتقد كثيرون في بداياته أنه سينجح في الوصول إلى الحكم.

وأضافت الصحيفة أنه "ليس سياسيًّا مثيرًا للاهتمام، لكنه يوحي بالراحة والسلاسة"، وهذا أمر يصب في صالحه "بعد وباء عالمي ورئاسة دونالد ترامب".

جدير بالذكر أن الجالية التركية في ألمانيا، أهم وأكبر جالية تركية في الخارج، وتتميز بالتنوع العرقي والسياسي والأيديولوجي، كما تمثل أحد عناوين القوة التركية الناعمة في أوروبا.

ويعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين من ذوي الأصول التركية من أصل 15 مليون تركي مهاجر، وهو ما يجعلهم يشكلون المجموعة الكبرى من بين المهاجرين خارج البلاد، ومن بين هؤلاء نحو 27% لهم وجود منذ ثلاثين عاما أو أكثر، إضافة إلى 5% يعيشون بألمانيا منذ حوالي عشرة إلى ثلاثين عاما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!