ترك برس

عقب بيان أصدره مجموعة من الضباط المتقاعدين في البحرية التركية، عاد الجدل في البلاد، من جديد حول قناة إسطنبول المائية التي ستربط بين البحرين الأسود ومرمرة، وستكون بديلاً لمضيق البوسفور.

البيان الذي أصدره منتصف ليلة الأحد، 103 ضباط متقاعدين من القوات البحرية، حذّر من المساس باتفاقية "مونترو" الدولية، والبدء في مشروع "قناة إسطنبول" ومن مساعي الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان صياغة دستور جديد للبلاد.

وقوبل البيان المذكورة بردود فعل سريعة وحادة من الحكومة وأنصار حزب العدالة والتنمية، والعديد من المؤسسات الرسمية والخاصة، كون لغته هي نفسها التي استخدمت سابقا لتسويغ الانقلابات أو التلويح بها.

مع الجدل الدائر حول قناة إسطنبول بين إصرار الحكومة على بنائها وبين انتقادات وتحذيرات المعارضة من ذلك، يدفع للتساؤل حول أسباب هذه المواقف.

ولفهم الدوافع وراء هذه المواقف، لا بد من معرفة تفاصيل حول اتفاقية مونترو الدولية ذات الصلة بمشروع قناة إسطنبول.

**اتفاقية مونترو

وقعت اتفاقية مونترو في سويسرا عام 1936 بمشاركة الاتحاد السوفياتي وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا، وتتضمن 29 بندا و4 ملحقات وبروتوكولا.

وأعلنت الاتفاقية حرية المرور عبر مضايق البحر الأسود للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، وسمحت بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بدون أي تحديد.

وعلى هذا الأساس فإنه في حال تجاوز سفن الدول خارج حوض البحر الأسود للمدة المعينة (21 يوما) فإن ذلك يعتبر إخلالا بالاتفاقية الدولية، وبذلك تتحمل الدولة التي سمحت بعبور السفن (أي تركيا) المسؤولية المباشرة.

** أهداف أنقرة من بناء قناة إسطنبول

يرى قائد القوات البحرية التركية السابق فتح أرباش، في مقال له، أن أنقرة تودّ اتخاذ تدابير أكثر صرامة عند مرور السفن التي تشكل خطرا على البيئة، ومن بينها سفن نقل البترول ومشتقاته، فضلا عن رغبتها بعوائد مالية أكبر من مرور السفن، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."

تظهر تقديرات اقتصادية تركية أن مشروع قناة إسطنبول المائية سيدر أرباحاً مالية كبيرة على تركيا تعوّضها عن الأموال التي حرمتها اتفاقية مونترو من جبايتها في مضيق البوسفور.

وتقول التقارير الرسمية إن القناة الموازية ستدرّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنويا، تساهم في تعويضها عن 10 مليارات حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور، تبعا لاتفاقية مونترو.

وتشير البيانات إلى أن عائدات القناة الجديدة ستغطي خلال عامين فقط تكاليف المشروع البالغة نحو 15 مليار دولار، وستحوّل مضيق البوسفور التاريخي إلى خط ثانوي للتجارة البحرية مقارنة بالقناة الجديدة التي ستجتذب السفن والناقلات العملاقة.

وتنبع القيمة الأهم للقناة من عدم خضوعها لاتفاقية مونترو، مما يسمح لتركيا بجباية 5.5 دولارات عن كل طن من البضائع وحمولات السفن التي تعبرها يوميا.

ووفقا لمعلومات أوردتها وزارة التجارة فإن القناة -التي تربط شاطئ منطقة سليفري على بحر مرمرة بشاطئ كاراكوي على البحر الأسود- ستمنح تركيا أفضلية تنافسية في تجارة النقل الدولي التي يمر أكثر من 75% منها عبر البحار.

وكان الرئيس أردوغان قد أعلن عن مشروع حفر القناة التي تبعد 30 كلم إلى الغرب من قناة البوسفور "المضيق الطبيعي الذي يشق إسطنبول" عام 2011.

وتهدف تركيا إلى تخفيض الضغط على قناة البوسفور التي يعبرها ما بين 40 و42 ألف سفينة سنويا، رغم أن طاقتها تسمح بعبور 25 ألف سفينة فقط.

وسبق لرئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو -التابع لحزب الشعب الجمهوري المعارض- أن قاد حملة معارضة شرسة لمشروع القناة، كما أشار في تصريح له إلى أن شق القناة ينتهك 7 اتفاقات دولية أهمها اتفاقية مونترو.

بدوره، أعلن وزير البيئة والتخطيط العمراني، مراد قوروم، أن القناة، التي ستسمح بمرور 185 سفينة يوميا بأمان، حصلت على تقييم إيجابي من 52 مؤسسة ومعهدا مختصا، خاصة في قطاع البلديات ومن ضمنها مراكز تتبع لبلدية إسطنبول الكبرى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!