محرّم صاري كايا – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ البدء باحتفال الأول من أيار عام 1911 وحتى الآن، لم يمر هذا اليوم بدون اشتباكات في الميادين سوى 10 مرات، ولهذا تم منع الاحتفال بهذا العيد منذ القدم، لما حدث خلاله من أعمال عنف، سواء أكانت بإيعاز خارجي مثل ما حصل عام 1924، أو لتحقيق أهداف سياسية داخلية كما حدث في "الأول من أيار الدموي" عام 1977.

وما يلفت الأنظار هو ما حصل يوم أمس، بعد 4 سنوات من بدء الإعلان عن 1 أيار كيوم عيد وعطلة رسمية، هو أنْ أصبح عيد العمال كعيد شكلي يمنع خلاله التحرك والوصول إلى الميادين، فما حصل يوم أمس هو محاولة لتحويل ميدان التقسيم إلى ميدان اشتباكات وصراع، مع أنّ احتفالات عام 2010 بعيد العمال مرت دون أي مشكلة، وبعد ذلك ثبت بطلان الإدعاءات التي كانت تخشى من تحويل ميدان التقسيم "لميدان تحرير" آخر، لكن القلق بدا واضحا هذا العام من تحويل الاحتفال بعيد العمال إلى يوم دموي آخر.

قرار حزب الشعب الجمهوري

لنرى ما هو دور الأحزاب في قيادة الحراك إلى ميدان التقسيم، ففي الماضي قام زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو بقيادة مجموعة من مناصري الحزب والتوجه بنفسه إلى ميدان التقسيم، لكن هذا الأمر كان محل نقاش واسع بين أوساط حزب الشعب الجمهوري هذا العام.

بعض الآراء داخل الحزب المعارض، كانت ترى بضرورة إبعاد ممثلي الحزب داخل البرلمان ومرشحيه عن صورة مواجهتهم ضد رجال الشرطة إذا ما اتجهوا نحو ميدان التقسيم، وذلك خوفا من انهيار صورة الحزب بنظر الناس وذلك قبيل الانتخابات العامة، ولهذا قرر رئيس الحزب ووجه رسالة تحذير إلى كل مرشحيه حزبه بعدم التواجد مع المحتجين في ميدان التقسيم.

عملية السلام

لكن لم يبق المحتجون دون قيادة، فحزب الشعوب الديمقراطي هو من قاد الحراك هذا العام، ولهذا لم يمر عيد العمال دون مشاكل، وإنما مر بأخف الأضرار رغم عدم احتفالنا بعيد العمال كما يحتفل العالم به، ولا شك أنّ مثل تلك المناوشات والنزاعات كانت تؤثر على علمية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد.

وقد خرج 3 من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي في تصريحات يوم أمس، تشير إلى أنّ "عملية السلام قد وصلت إلى عقدة جديدة على طريق انتقالها وعبورها لمراحلها الأخيرة"، لكن عليهم أنْ يدركوا أنّ مثل هذه التصريحات لن تكون سببا في جلب المزيد من الأصوات إليهم، بل على النقيض تماما، فعندما تجولت في الأناضول، كنت ألمس بصورة واضحة خوف وقلق الناس من حدوث مواجهات واشتباكات مجددا بين الأكراد والجيش التركي، حتى من أولائك الذين لا يؤيدون عملية السلام.

الأكراد الذين عاشوا فترة من الزمن، بعيدين عن الاشتباكات وعن القتال، لا يريدون مجددا فقدان الطمأنينة والحياة الهادئة التي نعموا بها خلال السنوات القليلة الماضية، فهم يريدون الآن التعافي من الصدمات التي تعرضوا لها على الصعيد النفسي خلال ما كان يحصل من أعمال عنف، ولا يريدون فتح جروحهم مجددا، وهم يدركون أنّ فتح باب المواجهات مرة أخرى لن يضر الفئة التي تسببت بتجدد المواجهات، وإنما سيضر المجتمع الكردي بأسره.

يشعر أهالي الأكراد بقلق شديد حول إمكانية إرسال أبنائهم مجددا إلى ساحات القتال في حال تجدد الاشتباكات، وهم لا يريدون تكرار المآسي التي عاشوها عندما كانوا يُجبرون على إرسال أبنائهم للقتال في جبل قنديل، ولا يريدون المشاركة في جنازات أبنائهم، ولا يريدون تكرار أحداث تسعينات القرن الماضي.

ولهذا لن يكون هناك أي فائدة لأي طرف يريد إعادة المواجهات والاشتباكات مجددا، وكما لم تنفع سنوات طويلة من القتال السياسيين ولا المقاتلين، فلن ينفع اليوم تجدد النزاع، أي طرف على الإطلاق.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس