ترك برس

رأى مثقفون وقادة رأي أذربيجانيون أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مدينة "شوشة" في إقليم "قره باغ" المحرر من الاحتلال الأرميني، تعزز العلاقات التركية الأذربيجانية وتظهر عمق الوجود التركي في القوقاز.

وأجمع الخبراء الأذربيجانيون على أن الزيارة مهمة من حيث إظهار أن أذربيجان لا تقف وحيدة في منطقة القوقاز، وكذلك إظهار عمق الوجود التركي في هذه المنطقة، إضافة إلى وحدة صف البلدين في التعامل مع الأصدقاء والأعداء. وفق ما نقلت عنهم وكالة الأناضول.

وفي 15 يونيو/ حزيران الجاري، يجري الرئيس أردوغان مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، زيارة إلى مدينة شوشة المحررة في إقليم قره باغ، حيث سيتفقد الرئيسان المناطق التاريخية والثقافية في شوشة، ويوقعان على اتفاقيات تعاون بين البلدين.

وتستحوذ مدينة شوشة، ذات الأهمية الاستراتيجية والتي جرى احتلتها من قبل القوات الأرمينية في 8 مايو/ أيار 1992 قبل أن يتم تحريرها من قبل الجيش الأذربيجاني في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على أهمية رمزية كبيرة في تاريخ وثقافة أذربيجان، لكونها كانت عاصمة لخانية "قره باغ" التركية في الفترة من 1747 إلى 1805.

** آفاق جديدة

وقال رؤوف عارف أوغلو، صاحب ورئيس تحرير جريدة "يني مساواة" الأذربيجانية، لوكالة الأناضول، إن الرئيس أردوغان، يعتبر أول زعيم في الجمهورية التركية يزور إقليم "قره باغ"، مشيرًا أن هذه الزيارة سوف تفتح آفاقًا جديدة.

ولفت عارف أوغلو إلى أن الزيارة تحوز على أهمية اجتماعية وسياسية كبيرة ولها جوانب روحية وتاريخية، وأن أذربيجان بقدّها وقديدها تتطلع إلى زيارة أردوغان إلى شوشة.

وأضاف: "كما أن أنظار العالم والمنطقة ستكون متجهة نحو تصريحات أردوغان وعلييف في شوشة في 15 يونيو الجاري، وأن دول المنطقة بشكل خاص ستتابع هذه الزيارة باهتمام.

وتابع: أردوغان زعيم عالمي. هناك من يحبه ومن لا يحبه. لكن الجميع متفقون على أمر واحد، هو أن أردوغان مفكر قوي واستراتيجي ورجل دولة مستقل صلب الإرادة. بالإضافة إلى كونه أخًا لنا؟

وأوضح أن زيارة أردوغان إلى شوشة ستكون ذات مغزى كبير، فضلًا عن أنها ستكون بمثابة رسالة موجهة إلى الأصدقاء والأعداء ورمزًا للعلاقات الأخوية الأبدية القائمة بين البلدين التركيين (تركيا وأذربيجان).

** تركيا موجودة بقوة في القوقاز

من جانبه، أكد ناظم جعفرصوي، نائب رئيس مركز القوقاز للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية في أذربيجان، أن زيارة أردوغان إلى شوشة تكتسب أهمية تاريخية واستراتيجية، وتظهر قوة الوجود التركي في القوقاز.

وشدد على أن تحرير شوشة من الاحتلال الأرميني شكل نقطة مفصلية ومنعطفًا تاريخيًا على درب الانتصار الذي تحقق في "قره باغ"، كما أن هذا الانتصار أظهر أهمية الدعم متعدد الأبعاد الذي وفرته تركيا لأذربيجان، لذلك يمكن اعتبار هذا النصر بأنه انتصار لتركيا أيضًا.

وقال جعفرصوي إن دعم تركيا لأذربيجان في حرب قره باغ كان له أهمية معنوية ونفسية وسياسية على حد سواء، والطائرات المسلحة التركية بدون طيار لعبت دورًا مهمًا في تحديد مصير الحرب.

وتابع: الزيارة مهمة من حيث نقل العلاقات الاستراتيجية بين تركيا وأذربيجان إلى أبعاد جديدة وتعميق العلاقات الاجتماعية بين الشعب التركي في البلدين.

وزاد أن هذه الزيارة سوف تظهر أهمية الوجود التركي في منطقة القوقاز، لاسيما مع وجود توقعات بأن تتم مناقشة الواقع الجديد في "قره باغ" والقوقاز بين أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن (خلال قمة حلف شمال الأطلسي ببلجيكا).

وذكر جعفرصوي أن أردوغان حضر أيضًا المراسم العسكرية التي أقيمت في باكو عقب الانتصار الذي جرى إحرازه في "قره باغ".

وقال: سيحتفل قادة أذربيجان وتركيا، وهم مهندسو هذا النصر العادل، بهذا الانجاز التاريخي في شوشة أيضًا، كما سيظهرون وحدة الصف بين البلدين ويرسلون رسائل تمنح الثقة للأصدقاء وتغرس الخوف في نفوس الأعداء.

** مبادرات تركيا تخلق عامل توازن في المنطقة

بدوره، قال السياسي الأذربيجاني المستقل، صاحب كريملي إن تركيا تلعب دورًا رئيسيًا في التكوين الجيوسياسي الجديد لجنوب القوقاز.

وأوضح كريملي للأناضول أن إيران، التي تتأثر سياساتها تبعًا للعلاقات مع روسيا والدول الغربية والنظام الإقليمي الجديد، لن تتمكن من موازنة مصالحها إذا لم تتعاون مع تركيا "بصدق".

ولفت إلى أن المبادرات التركية تخلق عامل توازن مهم في منطقة جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، معربًا عن اعتقاده بأن الرئيس أردوغان سيقدم رسائل مهمة خلال زيارته المرتقبة إلى شوشة وباكو، تتضمن تسليط الضوء على التطورات المستقبلية للمنطقة.

** رسائل حول جنوب القوقاز

وفي السياق، قال ديلكم أحمد، رئيس تحرير مجلة "جابار" الأذربيجانية، إن وقوف تركيا حكومة وشعبًا إلى جانب أشقائهم في أذربيجان، أدى إلى انتصار الأخيرة في حرب "قره باغ"، ووضع نهاية لاحتلالٍ دام 30 عامًا.

وذكر أحمد بالانتصار الذي حققه جيش القوقاز الإسلامي (عثماني) بقيادة نوري باشا في 15 سبتمبر/ أيلول 1918، حيث تمكن الجيش المذكور من تحرير العاصمة الأذربيجانية من العصابات الأرمنية والبلاشفة.

وقال: لقد عاشت أذربيجان خلال الحرب الأخيرة المشاعر ذاتها التي عاشتها قبل نحو مئة عام. أدرك شعبنا أنه ليس وحيدًا في ساحة الحرب. لذلك فإن الشعب الأذربيجاني ينظر إلى زيارة أردوغان إلى شوشة على أنها تجسيد لروح 15 سبتمبر 1918.

كما أشار أحمد إلى أن جميل جاهد باشا، أحد قادة جيش القوقاز الإسلامي، زار شوشة عام 1918 واستقبله شعب شوشة بحماس منقطع النظير، وقال: يجري في أذربيجان تقييم زيارة أردوغان من خلال هذا الإطار. نحن في أذربيجان، نعتبر أن هذه الزيارة تشكل ضربة نفسية قاسية للأعداء.

وتابع أن وحدة الصف والموقف الذي أظهره قادة الدولتين القويتين في العالم التركي (تركيا وأذربيجان)، سوف تخلق نقاشات مهمة داخل الرأي العام الأرميني، فضلًا عن أن الزيارة المشار إليها ستحمل رسائل لأرمينيا وجميع القوى التي لديها مخططات حول جنوب القوقاز.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!