ياسر عبد العزيز - الحقيقة بوست

في يوم الثامن من أغسطس نشر موقع الحقيقة بوست تقريرا بعنوان تركيا والإخوان.. هل تحالفت قيادات الجماعة مع أعداء أردوغان لإسقاطه؟ افتتحه محرر التقرير بحادثة إعلان الأستاذ إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، في يوليو الماضي، قراره بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا ومجلس الشورى، ومتسائلا عن مستقبل الجماعة؟، وإذا ما كانت تتعرض لضغوط من داخلها، وعن علاقة تركيا بهذه الأحداث، مشيرا إلى أن الإدارة التركية منزعجة من تصرفات قيادات الإخوان على حد تعبير كاتب التقرير، ثم تحدث كاتب التقرير عن خلافات داخلية تخص قادة الجماعة في تركيا تسبب إزعاجا لأنقرة مؤكدا أن جهات ما رفعت تقارير للرئيس بعدم جدوى الرهان على الجماعة، ليس فقط لعدم وجود رؤية ولكن لكثرة مشكلاتهم الداخلية، وأكدت المصادر التي اعتمد عليها التقرير أن الرئيس أردوغان بدأ ينصت لوجهة النظر تلك، إلى هنا وضع كاتب التقرير وجهة نظره وليبدأ في الاستدلال على ما فات..

فبدأ استدلاله بمقطع من مقال قديم لكاتب هذه السطور ليؤكد فكرة أن الإدارة التركية تريد الابتعاد عن الإخوان وعدم التعويل عليهم، ومستندا إلى معلومة أسر بها أحد قيادات الحزب الحاكم لمن ينقل عنه كاتب التقرير، ولكن سياق المقتطف المقتطع من مقال كاتب هذه السطور والمؤرخ بالعاشر من شهر مايو من العام الجاري والذي حمل عنوان (هل قرر أردوغان رفع المعارضة المصرية من على جهاز التنفس؟) ، وهو منشور على موقع ترك برس، كان في سياق الحالة التي كانت تعيشها المعارضة المصرية في تركيا بعد التقارب الحذر الذي بدأت تشهده العلاقات بين تركيا والنظام المصري، ثم تناولت الفرص والعروض التي قدمت والتي كانت كفيلة بتغيير المشهد والتي ضيعتها المعارضة، والحديث هنا عن المعارضة ككل وليس عن الإخوان، كما أن سياق الحديث يأتي في إطار حرص كاتب هذه السطور على خروج بلده من الأزمة التي وضعها فيها انقلاب الثالث من يوليو، ومن ثم استعادة الثورة وتحقيق أهدافها، ولم يكن الحديث عن الإخوان، فالمشهد يخص المعارضة ككل التي أضاعت الفرص، أما أن يحمل هذا الكلام على فصيل بعينه من المعارضة، فإن كاتب هذه السطور لا دخل له به، وإنما يخص محرر التقرير الذي اقتطع جزء من مقال ليدلل به على كلامه الذي وصل به إلى أن قيادات الإخوان تحالفوا مع أعداء الرئيس أردوغان لإسقاطه، وهو عنوان صادم، لو أريد به الإثارة، ما صح، ولو أريد به غير ذلك، لكان الخطأ أكبر، لماذا..

لأن أولا زيارة بعض قيادات جماعة الإخوان لحزب سعادات التركي والذي لا يجمعه ود بالحزب الحاكم، أولا لا ينسحب على المعارضة، كما أن الجماعة وإن زارت حزب سعادات فلن تسعى بذلك للانقلاب على الرئيس، لأن حزب سعادات من الضعف بمكان لا يستطيع دخول البرلمان منذ عدة دورات، فشعبيته ليست على النحو المتخيل، ومن ثم لا يمكن التحالف معه للانقلاب على الرئيس، ثانيا إن حزب سعادات لا يمكن أن يكون بديلا عن حزب العدالة والتنمية الحاكم لفرق الشعبية وعدد النواب في البرلمان وحيازته لمقعد الرئيس منذ سبعة عشر عاما، ثالثا قد تكون الزيارة محاولة من الجماعة الانفتاح على الجميع وهو أمر متاح في الدول الديمقراطية، رابعا ماذا يملك الإخوان من نفوذ أو مال أو قوة بشرية أو قوة تصويتية للتحالف مع حزب سعادات ومساعدته للانقلاب على الرئيس انتقاما لتقاربه من النظام المصري، خامسا فإن موقف حزب سعادات من النظام المصري كان على خط التقارب مع النظام لما فيه، من وجهة نظرهم، مصلحة لتركيا، وهو ما يصنف تحت بند احراج الرئيس اردوغان وحزبه، لكن ومع ذلك فإن لقاء جمع الرئيس اردوغان وقيادات من حزب سعادات منذ أقل من شهرين، وهو ما يعني أن حتى زيارة الإخوان لحزب سعادات لا يعد ولا يمكن أن يصنف على أنه تحالف من أجل الانقلاب.

وأخيرا وبعد هذه السطور أرجو ان أكون قد رددت على ما تم نسبته إلي في غير سياقه، كما أرجو أن أكون قد أوضحت بعض الصورة وفصلتها وفسرتها بما يكفي، فالمعارضة المصرية ضيوف على الشعب التركي، ومن سمات الشعب التركي أنه لا يرد من لجأ إليه، ولا يفرق في ذلك بين المصلحة وبين مبادئه، والحديث هنا ليس على الرئيس وحزبه فقط، ولكن هي سمة عامة للشعب التركي، كما أن المصريين بأخلاقهم لا يبتعدوا كثيرا عن أخلاق الأتراك، فلا يمكن لهم أن يخونوا من أواهم وفتح لهم بلاده ينعمون فيها بحرية لم يعيشونها في بلدهم.

عن الكاتب

ياسر عبد العزيز

كاتب وباحث سياسي ومدير مركز دعم اتخاذ القرار في حزب الوسط المصري سابقا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس