ترك برس

تنبع الأصالة العثمانية من أبواب تركيا، فهي أم الحضارة العثمانية والإسلامية ومصدر نشأتها،  فتحكي لنا حكاية تاريخ عثماني، يصفن لها السامع، ويلتفت لها المشاهد، هكذا هي الحكاية حسبما يقول التاريخ العثماني القديم، لكن الشواهد عديدة، مثل مشاهدة النحت والنقش والحفر والكتابة على جدران قديمة البناء.

وخير شاهد على الحضارة العثمانية الإسلامية، هو مسجد السليمانية (Süleymaniye Camii) أو كما يسمى أيضا بمسجد السلطان سليمان القانوني، فمشاهدته تأخذ نبذة شيقة عن التاريخ العثماني وبالأخص العمران العثماني المتجسد على جدرانه وقببه وأبوابه، والذي تم إعادة افتتاحه مجددا بعد عملية الترميم التي استمرت لمدة ثلاث سنوات في عيد الأضحى 2010.

ويحتل المسجد موقعا مميزا على أفضل البقاع في إسطنبول، فقد بني على تلة مرتفعة تطل على مضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي.

يُعتبر مسجد السليمانية من اكبر المساجد العمرانية في اسطنبول، تمتد أمامه ساحة خارجية كبيرة مزينة بالأشجار الخضراء، ولها أحد عشر بابا تصل إلى مجموعة متكونة من مقبرة وأربع مدارس ومستشفى وفندق ومئذنة، ومجموعة دكاكين وضريح المعماري العثماني الذي أشرف على بناء المسجد المعمار سنان، وبجواره جامعة إسطنبول في منطقة "بايزيد" التي بنيت مكان مبنى قديم كان مشيدا آنذاك.

بني الجامع بأمر من السلطان سليمان القانوني، بعد أن اقترح عليه المعمار سنان هذا التصميم المقنع الرائع، بمشاركة أشهر الحرفيين والمعماريين والمهندسين الذين بلغ عددهم الآلاف، حيث تم البدء بأعمال إنشائه بداية من عام 1550م، حتى انتهى بناءه عام 1557م، فهو ليس كغيره من الأبنية الإسلامية والمسيحية في الأناضول، مبني بالحجارة المنحوتة والمركبة بدون طين، أو اسمنت وبساطة في تصميم زخارفه ونقوشه، وتُعتبر هذه ميزة جميلة في المعمار الأناضولي، بالإضافة إلى ميزة أخرى نجدها، وهي أن مجموع الشرفات العشرة الموجودة على المنارات تشير إلى ترتيب السلطان سليمان الأول فهو العاشر في سلسة السلاطين العثمانية.

ضريح سليمان القانوني

يأخذ الجامع الشكل المستطيل قريب إلى المربع، حيث يبلغ طوله 69م وعرضه 63م، فعند الدخول إلى ساحة المسجد من المدخل الخاص، ترى فوق المدخل نقوش تاريخ التأسيس، وتغطى أرضية الساحة بألواح المرمر يتوسطها نافورة الوضوء المنحوتة بشكل رائع، تزينه قضبان برونزية جميلة، ويحيط بالساحة ممرات جانبية من جهاتها الثلاث، تعلو هذه الممرات 28 قبة، ترتكز على 24 عمود، وهي مرتبطة بأقواس صغيرة.

فمن الطرف الشمالي يتم الوصول إلى بوابة المسجد من الزقاق، ثم ندخل إليه، وبحركة لا إرادية ترفع راسك لأعلى لترى مصابيح كثيرة تتدلى من أوساط القبب، منها المتوسط ومنها الصغير والموجودة في سقف المسجد، تستعمل للإنارة ليلا فتعطي لمسة جمال خارقة، ولتصميم هذه القبب هدف في توزيع صوت المؤذن الفريد في أنحاء المسجد.

تخطو أقدام المصلين أرضية الجامع المغطى بالسجاد، والجدران والأعمدة المنقوشة والمنحوتة ومزينة بالبلاط التركي المصقول بتصاميم ملفتة، يتألف من سبعة ألوان مختلفة وزخارف متنوعة من أوراق أشجار وزهور التوليب والجوري والقرنفل وغيرها الكثير.

تعلو القبة الرئيسية وسط المسجد، وهي على ارتفاع 53م، وهي ضخمة تحملها أربعة أعمدة، وأمام المصلين حائط القبلة المزين بالزجاج الملون، بينما صنع المحراب ومنبر الخطيب من المرمر المحفور، ومنبر الواعظ من الخشب وزوايا المحراب محفورة بأوراق ذهبية، إلا أن مقعد المؤذن خصص من المرمر، وهناك أنشئت مقصورة تقوم على أعمدة من رخام خصصت لسليمان القانوني، ولا ننسى المآذن الأربعة في أركان الساحة الداخلية.

يقصد السياح أيضا المسجد للتعرف على العمارة العثمانية، كما يوجد العديد من المطاعم والفنادق والمقاهي وحديقة للاستراحة في الأماكن المحيطة به.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!