إنجن آردتش - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

هناك مقولة أحببتها لـ "آتيللا إلهان" حيث يقول:" في تركيا، المثقفون ليسوا مثقفي كتب بل مثقفي صُحف". كان يقصد اليساريين تحديدا، يقصد الذين يقرؤون صحيفة "الجمهورية" بدون قراءة ماركس، يقرؤون مجلة "يون" دون قراءة فريدريد إنجلز، يقصد الذين يظنون أنهم يساريون.

كلتشدار أوغلو (رئيس حزب الشعب الجمهوري) هو من هذا النوع، من "مثقفي الصحف". فالرجل الذي اعترف أن آخر كتاب قرأه كان قصة " إنجي ميمد Memed, My Hawk" لا يُنتظر منه أكثر من ذلك.

قد يكون كلتشدار أوغلو جاهلا  بقدر ما يَعتبر "أليكساندر بارفوز" تركيا كبيرة. قد يكسر الأواني، قد يقع في تناقضات، قد يصبح الأبيض بالنسبة له اليوم أسودَ غدا، قد يتعاون مع الأصوليين، قد يختار مرشحين خاطئين بدون علم أعضاء الحزب، ثم يتحمّل عواقب ذلك الأعضاء المحترمون لحزب الشعب الجمهوري.

لكنه مع ذلك لا يملك الحق أبدا في الكذب علينا في وضح النهار وأمام أعيننا لأن عواقب ذلك ستكون علينا.

أول أمس قال كلتشدار أوغلو: "نحن الحزب الذي قاد تركيا لدولة ديمقراطية". كلا، أنتم لستم الحزب الذي قاد تركيا إلى الديمقراطية.

لا يوجد فرق بين رئيس حزب لخّص كل الوضع بكتابة عمود قال فيه: "أتاتورك قاد تركيا إلى الديمقراطية" وبين "ربات بيوت يائسات desperate housewives" (مسلسل أمريكي)!

أنتم الحزب الذي قضى على الديمقراطية العمياء العرجاء عام 1925 وأسستم ديكتاتورية قاسية لعشرين عاما.

فحتى عام 1925 وتحديدا حتى استصدار رئيس الوزراء عصمت باشا القانون الشهير المعروف بـ"تقرير السكون"، حتى ذلك التاريخ كان في تركيا أحزاب معارضة، إعلام معارض، لم يكن هناك حزب اشتراكي واحد بل اثنين.

أنتم حولتم الدولة إلى ديمقراطية لم يكن فيها أي فرق بين الاجتماعات العامة لمجلس الأمة التركي الكبير وبين اجتماعات حزب الشعب الجمهوري. أتاتورك كان يلقي الخطابات من نفس المكان، من على نفس المنبر، لنفس الأشخاص لكنه كان يوضح أن خطابه "ليس للمجلس بل لأعضاء الحزب".

أنتم حولتم الدولة إلى ديمقراطية أجبرتم فيها "الحزب الجمهوري الحر" الذي حاول تجربة تكوين معارضة، أجبرتموه على إغلاق نفسه بنفسه.

أنتم حولتم تركيا إلى ديمقراطية جعلت سكرتيركم العام يطلب بدون أدنى خجل تأسيس مجلس نخبة يضم أعضاء بالتعيين ويكون خارج سيطرة مجلس الأمة التركي.

أنتم أيضا لم تخجلوا من وضع مبادئ حزبكم في دستور البلاد، ولم تخجلوا من تحديد الدستور بما يتلاءم مع ميثاق حزبكم.

سيدي العزيز، ربما يكون كلتشدار أوغلو يقصد إجبار تركيا على العودة إلى نظام متعدد الأحزاب بعد انتصار الرئيس الوطني "إنونو" على ألمانيا.

فلينظر في ذلك الوقت على الأحزاب التي أغلقت عام 1946. قد يكون لم يسمع بذلك أبدا لكن هناك تفاصيل حول هذا الموضوع -إذا أراد- موجودة في كتاب "طارق ظافر توناي".

إنونو الذي حوّل تركيا من نظام الحزب الواحد إلى نظام متعدد الأحزاب عام 1945، بعد عام فقط حوّلها من نظام متعدد الأحزاب إلى "نظام قليل الأحزاب". حتى السكرتير العام للحزب آنذاك اعترض على ذلك فاضطر إنونو إلى سحقه.

نتمنى لكم حلاقة موفقة، عفوا، مؤتمرا موفقا.

عن الكاتب

إنجن آردتش

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس