ترك برس

قال ياسين أقطاي، الأكاديمي والبرلماني التركي السابق، إنه يرى أن من واجبه الشخصي أن يتقرب للثقافة العربية من منطلق إيمانه العميق بالأخوة بين الجميع، والرسالة الحضارية التي يعتز بها.

جاء ذلك في كلمة له، خلال حفل توقيع كتابين باللغة العربية له، وذلك في المركز الثقافي التركي بالدوحة.

وحضر الأمسية الثقافية الدكتور عمر أوزكان مدير مركز يونس إمرة الثقافي بالدوحة، ورئيس تحرير جريدة الراية القطرية، عبد الله المهندي، وأكثر من 100 شخصية من المثقفين والمهتمين في المبنى 15 بالمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا.

وتقدم ياسين أقطاي بالشكر لهذه "المبادرة الطيبة" كونها تساهم في مد جسور التواصل الثقافي، والمشاركة في تدعيم أواصر المودة والتكامل بين شعوبنا الإسلامية، التي يجمعها دين واحد، وتاريخ ضارب بجذوره عبر الزمن، ومصير مشترك.

وأوضح أنه يرى أن من واجبه الشخصي أن يتقرب للثقافة العربية من منطلق إيمانه العميق بالأخوة بين الجميع، والرسالة الحضارية التي يعتز بها، معرباً عن شكره لجريدة الراية القطرية "على حرصها الدؤوب، لصنع جسر يؤدي للوصول إلى أقصى فائدة للباحثين والقرّاء عمومًا."

واستهل أقطاي الأمسية الثقافية التي تحدث خلالها عن رسالته التي حملَها ما وقع بين دفتي كتابيه، فقال: "منذ انطلق الإسلام نورًا من جزيرة العرب، وهو يحمل رسالته العالمية، فهوت إليه الأفئدة، وتلقفته الشعوب، بعد أن وجدت فيه الخلاص الروحي، وكما كان للعرب شرف حمل قبس نور الدين المحمدي، شارك المسلمون من باقي الشعوب في فارس والهند ووسط آسيا -حيث موطن الأعراق التركية- في حمل لواء التوحيد والهداية إلى أصقاع الأرض، ورفعت رايته في جميع أنحاء العالم بعد أن أضفت عليه طابعها الثقافي الخاص"، بحسب ما نقلته جريدة الراية.

وأكد على أن الرسالة المُحمدية قد وُجد من يعبر عنها بلغات مختلفة، لتتسع دائرة الأمة، ويزداد تنوعها الثقافي والتراثي.

وتابع: "الأتراك لم يكتفوا بتوسيع أراضي الإسلام فحسب، بل حرصوا أيضًا على توسيع أفق الحضارة الإسلامية وثروتها وحدودها، مقدمين مساهمات مهمة في تاريخ الفكر الإسلامي. وبعد أن كان للدولة السلجوقية والعثمانية دور كبير في التمثيل السياسي للمسلمين، وإسهامات ثقافية وعلمية وتقنية قادت إلى التفوق العسكري المتمثل في فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح ولأن لكل خافقة سكونًا، وما كتب الله الخلود إلا لنفسه، فقد دار الزمن دورته وأصاب الحضارة العثمانية ما يدور على كل الدول والحضارات المتعاقبة. وإن اهتمام الأتراك باللغة العربية بات يتجلى في المؤلفات والمراجع التركية والترجمات."

وحول ما تناوله في كتابيه أوضح المؤلف أن دراسته انصبت على مراقبة التحولات الاجتماعية والثقافية التي واكبت التغيرات السياسية في تركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة عام 1923، وكيف تدافعت التيارات الفكرية بين موجات التغريب ودعوات التجديد في التراث الذي يمثل ويشكل الهوية التركية حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.

وأكد أن اختيار الإدارة الجديدة في الجمهورية التركية كان يهدف لتكوين دولة حديثة على النموذج الغربي، وكان على المجتمع أن يتحدى جذوره الشرقية، الأمر الذي وضعه في تناقض غريب، مبيناً أنه مع ذلك، كانت هذه التجربة الحداثية مسبارًا يكشف مدى تغلغل الطابع الشرقي في هذا البلد.

وأردف: "حتى الموسيقى التركية المستوحاة من الموسيقى العربية الشرقية تم حظرها، وتشجيع الموسيقى الغربية، ورغم كل ذلك، استمرت بعض الشخصيات مثل محمد حمدي يازر، ومحمد عاكف إرصوي، وسعيد نورسي، في إنتاج كتب تتناول الفكر الإسلامي الذي تحصلوا عليه من خلال التعليم الذي تلقوه من المدارس العثمانية، لكن بالطبع لم يتمكنوا من نقل العادات والتقاليد والأفكار الإسلامية التي تربّوا عليها، إلى الجيل الجديد بنفس الطريقة التي حصلوا بها عليها."

ويؤكد أقطاي أن "كون الديمقراطية تصحح نفسها، فقد تلت تداولات السلطة وتعاقبات السياسة حتى وصل فيها إلى الحكم من عبر عن رغبات قطاع واسع من الشعب التركي، وهو ما مثلته وصول يمين الوسط المحافظ إلى السلطة في صورة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، فتصالح الأتراك مع حقائق التاريخ ووقائع الجغرافيا، وعادت الحياة تدب في الأوساط الثقافية التركية، ولكن بخصوصيتها الإسلامية ذات الطابع التركي الخاص."

وأبرز أنه قد حاول في كتابيه الوقوف عند محطات هذا التحوّل، ضمن سياق اجتماعي أوسع يسبر أغوار السنوات المئة الأخيرة.

واختتم الأكاديمي والسياسي التركي كلمته بالأعراب عن تمنيه بأن يقدمَ الكتابان، فائدة لسالكي طريق المعرفة، وأن يكونا قنطرة تواصل ثقافي بين الشعوب العربية وتركيا، لفهم ما جرى من تطورات يمكن بها قراءة المشهد جيدًا، ضمن منهج علمي وإطار اجتماعي، معربًا عن أمنيته بأن تمثل هذه الجهود إضافة للقارئ العربي، الذي يتلمس حبه لتركيا، ويبادله حبًا بحب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!