طه داغلي - صحيفة خبر7 – ترجمة وتحرير ترك برس

بتصريحات ملئت بها الآفاق، صرحت إسرائيل بكل وضوح وبدون مواربة بأن مجرى سير الانتخابات جاء مثلما تحب إسرائيل، فقد كتبت صحيفة جروسلم بوست في صفحتها الأولى وبخط كبير يفضح ما في عقولهم بكل وضوح فقالت بأن "الانتخابات سيئة لأردوغان وجيدة لإسرائيل". فمن مساء الاحد الماضي والأفراح تملأ ارجاء الدول الغربية من أمريكا الى المانيا ومن إنجلترا الى إسرائيل، كل هذا الفرح لأن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع تشكيل الحكومة المقبلة لوحده، وبهذا فان سيطرته على السياسات الداخلية والخارجية للبلاد تتقلص.

فكما عبّر رئيس إسرائيل السابق شمعون بيريس فقال "هذه الانتخابات جاءت كما تحب إسرائيل، انا فرح بذلك"، وكتبوا كذلك في رؤوس الصفحات الإعلامية "خسر اردوغان" وقالوا "أخيرا ارتحنا"، وكتب البروفسور في صحيفة جروسلم بوست في معرض تحليله للانتخابات بكل وضوح ومن غير لف ولا دوران "سيء لأردوغان وجيد لإسرائيل".

لم يكتفوا بالاحتفال والتعبير عن افراحهم وانما طالبوا وحسب وصفهم الأحزاب العلمانية بالعمل المستمر على هذا النحو من اجل إعادة العلاقات الإسرائيلية التركية للحياة من جديد.  فما هي هذه العلاقات التي يتحدثون عنها؟؟؟ يريدون علاقة مبنية على أساس الخنوع والخضوع للإسرائيل كما كانت الأمور قبل تولي اردوغان زمام الأمور. فكما وضّحنا ذلك مرارا وتكرارا في السابق عندما شرحنا كيف كانت تركيا ساحة إسرائيل الخلفية تسرح وتمرح بها كيفما شاءت، لكن منذ قدوم اردوغان قام بطرد جميع جواسيس وعملاء الموساد الإسرائيلي.

النجاح المزعوم في تقليص أصوات حزب العدالة والتنمية كان ورائه الكثير من الأطراف وكان في مقدمتها إسرائيل، وعبروا عن ذلك عندما كتبوا في صحفهم "لقد فتحنا جرحا داميا، وسنحاول اقصاء اردوغان، فإن نجحنا في ذلك عندها ستكون تركيا لنا من جديد". فأردوغان لم يترك تركيا لتكون تابعا لأحد لا في الغرب ولا في الشرق وانما سعى لأن تكون تركيا دولة عُظمى في المنطقة والعالم، فلهذا تراهم يفرحون على بصيص امل حقير في تراجع بسيط لحزب العدالة التنمية.

فهم من قام بتغطية انتخابات المجلس البرلماني بالأخبار والتعليق عليها ومحاولة صنع الحدث عندما عمدوا الى دعم اطراف بعينها وقاموا بتوجيههم ونصيحتهم، فعندما نراهم يحتفلون بعد الانتخابات نعلم يقينا ان ما يحصل ليس خروجا عن السياق وانما هم السياق نفسه.

بينما نرى في المقابل التفاعل التركي في انتخابات إسرائيل الماضية لم يكن بنفس الشكل؛ لأننا لا نتدخل في سياسات الدول الداخلية بسفور مثلما يفعلون محطّمين كل بروتوكولات التوافق والاحترام بين الدول. فعندما حصلت الانتخابات على البرلمان الإسرائيلي وانتصر نتنياهو لم ترى أي من صحفنا تدعم أحد المرشحين او تعارض اخر، ولم نرى الانحياز ولا حتى لم نرى تناول اخبار الانتخابات بالحيوية التي تعاملت فيها إسرائيل مع الانتخابات التركية، ولم نرى كذلك أي فرحة على انتصار نتنياهو او هزيمة لفني، وإنما كان الحال متوقّفا على نقل طبيعي للأحداث دون تحيز او حتى محاولات لتأثير، فكل ما يهمنا في الانتخابات الإسرائيلية هو إخواننا الفلسطينيين، فلا يوجد اختلاف بين الإسرائيليين لأنهم جميعا صهيونيين يُنزلون كل أصناف العذاب والمعاناة على اخوتنا في فلسطين. 

عن الكاتب

طه داغلى

كاتب في صحيفة خبر 7


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس