أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

أجرت ركيا قبل عدّة أيام انتخاباتها البرلمانية التي كانت محطّ أنظار العالم بأسره. ويمكنني القول إن العالم كان يترقب نتائج هذه الانتخابات، لأنّ هناك العديد من الجهات المعادية للدولة التركية كانت تتربّص وتهتم أكثر من الأتراك أنفسهم في سير العملية الانتخابية. فقد قاموا بإعداد الخطط والحيل من أجل التأثير بالناخب التركي. وخلال الحملات الانتخابية قامت هذه الجهات بنشر كتابات تحريضية. حيث عمدت إلى تخويف الناخب التركي من النظام الرئاسي من خلال إظهار هذا النمط من الحكم على أنّه سيؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور نوع من الديكتاتورية لدى شخص الحاكم. وهذا ما استغلّته أحزاب المعارضة في الداخل التي عملت كل جهدها من أجل إزاحة حزب العدالة والتنمية عن الواجهة السياسية للبلاد.

يؤسفني أن أقول إن الوضع السائد قبل الانتخابات لم يطرأ عليه أي تغيير بعد الانتهاء من هذا الاستحقاق. فالإعلام الخارجي وعلى رأسهم الإعلام الغربي، ما زال يروّج أنّ حزب العدالة والتنمية والرّئيس رجب طيب أردوغان مُنيا بخسارةٍ فادحة خلال هذه الانتخابات. ولو قرأ شخص غير مطلع على سير الانتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا وما نتج عن ذلك من تحقيق حزب العدالة والتنمية للمرتبة الأولى، سيعتقد بما لا يدع مجالاً للشّك أنّ حزب العدالة والتنمية تذيّل قائمة الأحزاب المشاركة في الانتخابات.

إنّ أكثر ما يثير الاستغراب والدّهشة في هذا الأمر، أنّه لو حصل أي حزب سياسي في تلك البلدان للنسبة التي حصل عليه حزب العدالة والتنمية من أصوات الناخبين، لاستطاع أن يشكل حكومة أغلبية لوحده. فمن المعلوم أنّ حزب العدالة والتنمية حصل على 41 بالمئة من أصوات الناخب التركي وتقدّم بفارق كبير عن أقرب منافسيه حزب الشعب الجمهوري الذي حصل على 25 بالمئة فقط. ولو ألقيتم نظرة سريعة للأخبار الصادرة في تلك الوسائل الإعلامية فيما يخص الانتخابات البرلمانية التركية، لظننتم أنّ حزب الشعوب الديمقراطية حصل على نسبة من الأصوات تخوّله تشكيل الحكومة التركية لوحده.

فالعقول الخفية التي عملت جاهدة من أجل الترويج لحزب الشعوب الديمقراطية قبل الانتخابات، لم تقف عن العمل، بل إنّ هذه العقول تتابع مساعيها في هذا الصّدد. والأغرب من كل هذا أنّ بعض وسائل الاعلام الغربية أعطت خبر الانتخابات البرلمانية حجمًا وكأنها انتخابات رئاسة الجمهورية، بل وكأن الرّئيس أردوغان خسر المعركة الانتخابية.

الرسائل التي بعث بها الناخب التركي خلال الانتخابات:

بذل رئيس حزب العدالة والتنمية "أحمد داود أوغلو" جهوداً جبارة خلال فترة الحملة الانتخابية التي سبقت الاستحقاق، وعلى الرغم من فقد هذا الحزب لبعض أصوات الناخبين، إلّا أنّه حصل على 41 بالمئة من هذه الأصوات وبذلك حقق المرتبة الأولى مبتعداً عن أقرب منافسيه بفارق لا يستهان به أبداً. وإنّ نتائج الانتخابات توضّح لنا أنّ أدنى نسبة لحزب العدالة والتنمية من أصوات الناخبين الأتراك، تفوق بفارق كبير نسبة حزب الشعب الجمهوري في هذا البلد. كما أنّ هبوط نسبة حزب العدالة والتنمية بهذا الشكل، ستدفع بقيادات الحزب إلى مراجعة حساباتها وإجراء التغييرات اللازمة من أجل استعادة ما فقده الحزب خلال الانتخابات الأخيرة.

وأخص بالذكر هنا فئة الشباب الذين ترعرعوا في ظل حكم العدالة والتنمية والذين لا يدركون ماهية الدولة التركية. أقول لهم إنّ هذا الهبوط يمكن تلافيه بمجرد القراءة الصحيحة لنتائج الانتخابات.

وكما عهدنا خلال الانتخابات الماضية، فإنّ حزب الشعب الجمهوري هو الحزب الخاسر في هذه الانتخابات أيضاً. فهم الآن يحاولون طمأنة أنفسهم بتجاوز حزب الشعوب الديمقراطية للعتبة الانتخابية ويعتبرون ذلك انجازاً لأنفسهم.

أمّا حزب الحركة القومية، فقد كسب أصوات الناخبين الذين لديهم حس القومية التركية من يد حزب العدالة والتنمية في المناطق الداخلية للأناضول. وقد عهدنا أن نرى هذا الحزب خلال الانتخابات الماضية على أنه حزب يتراوح في مكانه. لا يتقدم ولا يتأخر. لكنه في هذا الاستحقاق الانتخابي حقّق بعض التقدم وزاد من نسبة أصواته.

حزب الشعوب الديمقراطية استطاع خلال هذه الانتخابات تجاوز العتبة الانتخابية المتمثلة بـ 10 بالمئة. والامتحان الحقيقي لهذا الحزب هو كيف وإلى متى سيستطيع الاستمرار مع الأصوات المأجورة التي ساهمت في تجاوزه للعتبة الانتخابية. فالوعود الانتخابية التي قطعها رئيس هذا الحزب لمناصريه، من المرجّح أن نكون بلاء له في المستقبل.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس