تقرير ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

"أهلًا وسهلًا سيدي! ماذا تحب أن تطلب؟"

عند النظرة الأولى، لا يبدو أي شيء خارجًا عن المألوف في مقهى "داون كافيه (Down Café)" الواقع في أحد الأحياء الميسورة في إسطنبول.

إلا أن السر يكمن في اسم المقهى. حيث يعاني 25 موظفًا يعملون فيه، بأعمار تتراوح بين 18 و25 عامًا من متلازمة داون.

يقول ساروهان سينغين، الذي أسس المقهى في منطقة شيشلي: "أُنشئ مقهى داون لإيجاد فرص عمل وزيادة الثقة بالنفس لدى الشباب الذين يعانون من متلازمة داون".

ولمؤسس وباني المقهى ابنة تعاني كذلك من متلازمة داون، تُدعى سيزيل، تعمل حاليًا في المقهى.

تتنقل موظفات وموظفو المقهى بين الطاولات ذات اللون البرتقالي، المُحاطة بالجدران الملونة والمليئة بصورهن وبلوحات من رسمهن. يقول سينغين: "لدي سيزيل، وأعتقد أنّها هبةٌ من الله لي لكي أفهم الآخرين الذين يعانون ممّا تعاني".

ويضيف: "عندما نفكّر بعدد المصابين بمتلازمة داون، فإن هناك مجالات واسعةً من فرص العمل التي يمكن توفيرها لهم".

تعرف منظمة "داون سيندروم إنترناشونال (DSI)" البريطانية المعنية بمتلازمة داون هذه المتلازمة بأنّها اضطراب وراثي يؤثر في نمو الإنسان طوال حياته، ويؤدي إلى إعاقة جسدية وعقلية ومشاكل صحية.

وتقول المنظمة إن متلازمة داون آخذة في الانتشار بصورة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، وأنها تصيب 1 من كل 800 مولود، حسب عمر الأم ومعدلات فحوص ما قبل الولادة.

وتشير المنظمة إلى أن 220 ألف طفل يولدون سنويًا وهم مصابون بمتلازمة داون.

وفقًا لرابطة داون سيندروم الوطنية في تركيا، فإن حوالي ألف و500 طفل يولدون سنويًا في تركيا وهم مصابون بمتلازمة داون، وإن هناك حوالي 100 ألف مصاب بالمتلازمة حاليًا في تركيا.

يقول سينغين إن "العناية الصحية المتطورة مهمة جدًا لهؤلاء الأطفال المميزين، لكن ما هو أهم من ذلك هو فعل كل ما هو ممكن لمساعدتهم على العيش بشكل أكثر رضىً واستقلالية".

داون كافيه هي مشروع مشترك بين مؤسسة إسطنبول لذوي الإعاقات العقلية وبين بلدية منطقة شيشلي، وبرعاية من جمعية "ألتيرناتيف لايف (الحياة البديلة)"، التي أنشئت لرفع الوعي بقضايا لها أثر اجتماعي ونفسي على ذوي الاحتياجات الخاصة.

وفقًا لسنغين، فإنّ المقهى حين افتُتِح لأول مرة في عام 2011، لم يلق إقبالًا كبيرًا بسبب تردد الزبائن في دخوله. وحتى الذين دخلوا المقهى أبدوا تحفُّظًا في البداية، ولكن ما إن تتلاشى المفاجأة، فإنهم يبدؤون بتقدير أجواء المقهى.

يقول سنغين: "أعتقد أن المقهى يساعد الناس كذلك في التخلص من آرائهم المسبقة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، ويوفر فرصة للذين يعانون من متلازمة داون لإثبات أنفسهم وإظهار مواهبهم".

يتبادل الموظفون في المقهى مناوبات العمل ويتلقون أجرًا شهريًا. ويفتح المقهى أبوابه من الساعة 9 صباحًا وحتى 5 مساءًا في أيام الأسبوع، ويُمكِنه استقبال ما مجموعه 40 زبونًا.

وتعمل في المقهى أمّهات متطوعات يُساعِدن في المطبخ من خلال الطبخ وغسل الصحون، في حين تتولى بلدية منطقة شيشلي دفع فواتيرنا، حسب سينغين.

"كل ما يريده موظفو المقهى هو الاندماج أكثر بالمجتمع، وأن يتلقوا القبول من الناس، وأن تُكتَشَف مواهبهم". مضيفًا: "ولذلك نحن بحاجة إلى مزيد من الجهات الراعية، والمتبرعين، وبشكل خاص الزبائن لزيادة عدد المقاهي على شاكلة داون كافيه".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!