ترك برس

عقب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة في الانتخابات الأخيرة على حساب منافسه الأبرز كمال كلجدار أوغلو، تتجه الأنظار حالياً إلى إجراءات الحكومة الجديدة في المرحلة المقبلة التي يبرز فيها الملف الاقتصادي بين الأولويات الأخرى مثل اللاجئين، والعلاقات مع الغرب والقوة العسكرية للبلاد.

ولم تحدد الانتخابات فقط من سيقود البلاد، بل طريقة حكمها وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية، وفقا لوكالة رويترز.

ودافع أردوغان، الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة وتقليص صلات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.

وجرت الانتخابات بعد 3 أشهر من وقوع الزلازل المدمرة في جنوب شرقي تركيا والتي أودت بحياة أكثر من 50 ألفا.

الزعيم الأقوى

أردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة قبل قرن من الزمان، وفقاً لتقرير لـ "الجزيرة نت".

ويتهم أردوغان بأنه أبعد البلاد عن نهج أتاتورك العلماني، ويقول منتقدوه إن حكومته كممت أفواه المعارضة وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، الأمر الذي تنفيه حكومة أردوغان التي تقول إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية من بينها محاولة انقلاب عام 2016.

ويقول خبراء في الاقتصاد إن دعوات أردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى له في 24 عاما عند 85% العام الماضي، كما أفضت إلى هبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

القوة العسكرية

تحت حكم أردوغان، استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فقد شنت 4 عمليات عسكرية في سوريا وهجوما على تنظيمات إرهابية داخل العراق وأرسلت دعما عسكريا إلى ليبيا وأذربيجان.

وشهدت تركيا أيضا سلسلة من المواجهات الدبلوماسية مع قوى في المنطقة بينها السعودية ومصر والإمارات إلى جانب إسرائيل، كما دخلت في خصومة مع اليونان وقبرص بشأن الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط.

لكن علاقات أنقرة بجيرانها ومحيطها الإقليمي شهدت تحسنا في العامين الأخيرين.

وأدى شراء أردوغان لأنظمة دفاع جوي روسية إلى فرض عقوبات أميركية على أنقرة استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيكا من منتقدين بخصوص التزام أنقرة إزاء حلف شمال الأطلسي، وفق ما تقول رويترز.

ومع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح بتصدير القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، في خطوة تشير إلى أن بإمكان أردوغان الاضطلاع بدور ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

تعهدات المعارضة

أما أحزاب المعارضة فقد تعهدت خلال حملتها الانتخابية، بإلغاء كثير من السياسات التي ميزت حكم أردوغان، ومن هذه التعهدات إعادة استقلال البنك المركزي وإلغاء سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية.

كما أن المعارضة كانت تعتزم تفكيك النظام الرئاسي التنفيذي والعودة للنظام البرلماني السابق، فضلا عن إرسال اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

وسعيا وراء الدعم من الناخبين القوميين في جولة الإعادة، زاد كليجدار أوغلو من حدّة نبرته المناهضة للمهاجرين في الأسبوعين الأخيرين قبل الانتخابات، وتعهد بإعادة المهاجرين إلى بلادهم.

وكانت أحزاب المعارضة تهدف لتحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات "إف-35" المقاتلة الذي استبعدت منه بعد شراء الدفاعات الصاروخية الروسية.

ملف تنظيم "بي كي كي" الإرهابي

وكان الصراع التركي المستمر منذ 4 عقود مع تنظيم "بي كي كي" الإرهابي عاملا مهما في الحملة الانتخابية الماضية، إلى جانب دور الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية.

ورغم أن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءا من تحالف المعارضة رسميا، فإنه يعارض أردوغان بشدة دفعته إلى إعلان تأييده لكليجدار أوغلو.

ويقول أردوغان إن كليجدار حصل أيضا على تأييد "بي كي كي" الإرهابي الذي يشن تمردا منذ الثمانينيات قُتل فيه أكثر من 40 ألفا، لكن كليجدار أوغلو ينفي ذلك.

انتخابات مصيرية حاسمة

وفي 14 مايو/ أيار الماضي، شهدت تركيا انتخابات برلمانية ورئاسية في آن واحد، وصفت بـ "التاريخية" لكونها تتزامن مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.

وتنافس في الانتخابات البرلمانية 24 حزباً لحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان البالغ إجمالي عدد مقاعده 600 مقعداً.

واستطاع تحالف "الجمهور" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان من الحصول على غالبية البرلمان، بواقع أكثر من 320 مقعداً، فيما 268 منها فقط لحزب العدالة والتنمية، والباقي للأحزاب الأخرى المتحالفة.

في المقابل، لم ينجح تحالف "الطاولة السداسية" المعارض في تحقيق الغالبية بالبرلمان، حيث حصل حزب الشعب الجمهوري أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، على 169 مقعداً فقط، بحسب النتائج النهائية التي كشفت عنها الهيئة العليا للانتخابات (YSK).

وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية، فقد خاض السباق 3 مرشحون عن تحالف حزبية مختلفة، هم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عن تحالف "الجمهور"، وزعيم المعارضة كمال كلجدار أوغلو عن تحالف "الأمة" أو ما يعرف بـ "الطاولة السداسية"، والسياسي القومي سنان أوغان عن تحالف "الأجداد"، فيما أعلن محرم إنجه، المترشح عن حزبه "البلد" الانسحاب من التنافس قبل أيام بشكل مفاجئ.

وشهدت الجولة الأولى حصول أردوغان على 49.52 بالمئة من الأصوات، فيما نال منافسه الأبرز ومرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو 44.88 بالمئة، وسنان أوغان 5.17 بالمئة، لتعن الهيئة العليا للانتخابات عن امتداد السباق الرئاسي إلى الجولة الثانية التي جرت بتاريخ 28 مايو/ أيار 2023.

وأسفرت الجولة الثانية من الرئاسيات، عن حصول الرئيس أردوغان على 52.18 في المئة من الأصوات ومنافسه قليجدار أوغلو على 47.82 في المئة، ليتم بذلك انتخابات أردوغان لولاية جديدة تمتد لـ 5 سنوات.

وفي انتخابات الإعادة لاختيار الرئيس، أدلى 52 مليون و93 ألفا و375 ناخبا محليا بأصواتهم، وبلغ معدل التصويت 85.72 في المئة، فيما بلغت نسبة المشاركة 88.92% داخل البلاد، و53.80% خارجها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!