أوفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لا أدري إذا كنتم تدركون أنهم يعملون الآن على محاولة تشكيلة السياسة التركية من خلال الكذب، وهذه الأمور تسير بنفس السياق بدءا من الادعاءات حول مائدة الطعام التابعة لرئاسة الجمهورية وحتى ما يتعلق بكوباني، وقد أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة نجاح هذه الأكاذيب في مهمتها بصورة جزئية.

 إذا أردتم معرفة الإجابة عن سؤال "ما هو السبب الرئيسي الذي مكّن حزب الشعوب الديمقراطي/حزب العمال الكردستاني من تجاوز نسبة الحسم؟"، فسأقول وبدون تفكير ولا تردد "كوباني"، فالادعاءات التي كانت حول ما جرى في كوباني والأكاذيب والافتراءات، وتكثيف الأقاويل حولها، أثّر بكل أسف بصورة مباشرة على اختيارات الناخب الكردي، وبإفادة أخرى، استطاع حزب الشعوب الديمقراطي من تحويل أصوات الناخبين الأكراد من حزب العدالة والتنمية لحزبه من خلال الأكاذيب التي نشرها فيما يتعلق بكوباني.

ارتكزت الأكاذيب التي نشرها حزب العمال الكردستاني، على جملة "تركيا تدعم داعش"، وذلك تبريرا لفشلهم وعجزهم، وقام الإعلام الموازي بدوره بتسويق هذه الأكاذيب ودعم نشرها، حتى إنهم كانوا ينشرون هذه الأخبار وسط الإعلام الدولي من أجل أنْ يقولوا أنّ "تركيا دولة داعمة للارهاب"، محاولين بذلك إسقاط الشرعية عن الحكومة التركية، وقام حزب العمال الكردستاني بتحويل هذه الأكاذيب إلى أدوات سياسية لتؤثر على آراء الشعب الكردي، فعجزهم عن حماية كوباني جعلهم يتشبثون برداء أمريكا وحصلوا على دعمها وبذلك أصبحت عداوتهم لتركيا أكبر وأكثر.

أقول بكل وضوح، إدّعاء دعم تركيا لداعش، هو إدعاء سخيف، كمن يدّعي بأنّ مدغشقر تدعم داعش، فوجود داعش في المنطقة وفي محيط تركيا لا يسعى إلى تعطيل رؤية تركيا في المنطقة فحسب، وإنما يعملون من خلال داعش على إعادة تشكيل المشهد السياسي التركي الداخلي أيضا، فهؤلاء الذين وقفوا في وجه الربيع العربي، استخدموا ويستخدمون حزب العمال الكردستاني والتنظيم الموازي وداعش من أجل التأثير على السياسة الداخلية لتركيا.

لمصلحة مَن تقوم داعش بإلحاق الضرر بالمعارضة السورية التي تدعمها تركيا؟ ألا تعلمون أنّ معظم الأراضي التي تسيطر عليها داعش الآن قد أخذتها واستولت عليها بعد محاربتها للمعارضة؟ إلا تدركون أنّ أكبر جبهة تحاربها وتقاتل ضدها داعش ليست حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وإنما المعارضة السورية؟ ألم تسمعوا بالعلاقات التجارية والعلاقات القائمة على قدم وساق والتنسيق المستمر بين داعش والنظام السوري؟ ألم تفكروا للحظة بأنّ وقوف النظام السوري على قدميه حتى الآن هو بسبب حُجة داعش؟ ألم تروا كيف احتلت إيران العراق بنفس الحجة؟

ألا تعتقدون أنّ داعش قامت بإنهاء تسارع عجلة الربيع العربي الذي دعمته تركيا ودفعت ثمنا لذلك؟ ألا ترون أنّ حزب العمال الكردستاني يستخدم داعش من أجل إضفاء الشرعية عليه وأنه تحوّل إلى تنظيم مدعوم أمريكيا؟ ألم تقرؤوا عن العمليات التي أُجبرت تركيا على القيام بها بسبب ما قام به تنظيم داعش؟

برغم كل ذلك يأتي من يتهم تركيا بأنها تدعم داعش، من يفتري هذا الافتراء بأنّ تركيا دعمت داعش ولو بمثقال ذرة، يكون قد ارتكب جُرم كبير يصل حد "خيانة الوطن"، ومن يستخدم هذا الكذب من القوى الخارجية عبر الأدوات الداخلية مثل حزب العمال الكردستاني والتنظيم الموازي يهدفون من خلاله إلى التأثير على سياسة تركيا الداخلية والخارجية.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس