ترك برس

أعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) بدء العد التنازلي لتوجه دفعة ثانية من سفن "أسطول الحرية" إلى قطاع غزة، تزامناً مع ما يشهده الأخير من هجمات إسرائيلية غير مسبوقة منذ عدة شهور.

جاء ذلك على لسان رئيس الهيئة، بولنت يلدريم، في كلمة له خلال فعالية "ملتقى المقاومة"، التي أقيمت مساء السبت، في صالة سنان أردم الرياضية بإسطنبول، حيث تم استعراض أحداث قطاع غزة في جدول الأعمال.

وقال يلدرم إن الهيئة قامت بشراء سفن من التبرعات المقدمة لها، لاستخدامها في أنشطة المساعدات الإنسانية إلى غزة، معلناً إطلاق حملة جديدة لإغاثة القطاع، دعا في إطارها إلى دعم الهيئة في شراء السفن التي ستنطلق من أوروبا.

وأضاف أنهم سيبحرون عبر البحر المتوسط، وسيسعون إلى دخول مصر، ومن ثم دخول ميناء غزة.

وتابع قائلاً: "انتهى وقت الحديث والكلام. يتم حالياً تحضير السفن التي ستنزل من تركيا ومن أوروبا إلى البحر المتوسط، متجهة إلى غزة".

وقبل أيام، طالب يلدريم، الحكومة التركية بمحاكمة التجار الذين يواصلون التجارة مع إسرائيل رغم هجمات الأخيرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي كلمة له خلال فعالية حول غزة، دعا يلدريم إلى "إغلاق خط أنابيب باكو - جيهان النفطي، ووقف تجارة السفن مع دولة الاحتـ،ـلال، وإغلاق المجال الجوي أمام طائرات دولة الاحتـ،ـلال ومحاكمة رجال الأعمال المتاجرين مع دولة الاحتـ،ـلال".

أسطول الحرية (مافي مرمرة)

يُذكر أن القافلة الأولى من أسطول الحرية انطلقت إلى قطاع غزة عام 2010، حيث دعت حينها هيئة الإغاثة الإنسانية" إلى مبادرة لكسر الحصار الخانق المفروض على غزة منذ عام 2007، وشاركت في المبادرة -إضافة إلى الهيئة الداعية- 5 منظمات دولية غير حكومية، هي: "حركة غزة الحرة" و"الحملة الأوروبية لإنهاء الحصار على غزة" و"السفينة إلى غزة – اليونان" و"السفينة إلى غزة – السويد"، و"اللجنة الدولية لرفع الحصار عن غزة".

شارك في الأسطول -الذي حمل 6 آلاف طن من المساعدات الإنسانية- 750 ناشطا من 36 دولة عربية وأجنبية، بينهم برلمانيون وإعلاميون وفنانون وأدباء وناشطون حائزون على جائزة نوبل للسلام، وأبحرت الغالبية العظمى من الناشطين على متن "مافي مرمرة"، إذ حملت السفينة ما يقارب 600 ناشط.

انطلقت سفينة "مافي مرمرة" من ميناء "سراي بورنو" بإسطنبول إلى أنطاليا، ومنها أبحرت يوم 27 مايو/أيار 2010، للاجتماع بالأسطول عند مدينة "ليماسول" جنوب قبرص، ثم الإبحار إلى غزة، وكان الأسطول يحمل مواد غذائية وملابس ومواد طبية ومواد بناء ولوازم مدرسية ومستلزمات تقنية.

وصل "أسطول الحرية" قبالة شواطئ غزة في 30 مايو/أيار 2010، وعندها أخذ الجيش الإسرائيلي يحذر الأسطول من الاقتراب من غزة، وكان رد القبطان أنهم لا يحملون سوى المساعدات الإنسانية، وقامت إسرائيل عندئذ بالتشويش على الهواتف المحمولة والبث الإعلامي الذي يقوم به الصحفيون على متن السفينة، وحجبت القمر الصناعي تركسات.

وفي فجر 31 مايو/أيار حاصرت 4 سفن حربية و3 مروحيات وغواصتان و30 زورقا تابعا للبحرية الإسرائيلية أسطول الحرية في المياه الدولية على بعد نحو 72 ميلا من سواحل الاحتلال.

وداهمت وحدة كوماندوز "شايطيت 13" (قوات بحرية إسرائيلية خاصة) سفينة "مافي مرمرة"، عبر عملية إنزال من طائرات هليكوبتر، واستخدم الجنود الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.

أسفر الاعتداء الإسرائيلي على السفينة عن مقتل 9 مواطنين أتراك، من بينهم شاب يبلغ من العمر 19 عاما، في حين توفي آخر فيما بعد متأثرا بجروحه بعد معاناة استمرت سنوات، وأُصيب 56 ناشطا بجروح خطيرة، ومُنع الأطباء الموجودون على السفينة من أي تدخل طبي أو إجراء إسعافات أولية للجرحى.

الموقف التركي من تطورات غزة الأخيرة

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.

إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.

ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين"

ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت تركيا أكبر حملة مقاطعة في تاريخها، فيما لا تزال منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تواصل حملاتها في هذا الخصوص عبر وسائل شتى.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!