جلال سلمي - خاص ترك برس

تأسست الجمهورية التركية عام 1923 على أسس وقواعد علمانية انفتاحية، وإن كان هناك الكثير من التحفظات على نوعية علمانية وانفتاحية تركيا من قبل الكثير من الباحثيين السياسيين والتاريخيين في الشرق الأوسط إلا أن الكثير يصف تركيا بأنها الدولة الإقليمية الأولى والوحيدة التي أعطت المرأة حقها في التصويت والترشح ولعب دورًا في الحياة السياسية.

وكما يبين الكثير من الباحثيين السياسيين والتاريخيين والاجتماعيين الأتراك بأن تركيا سبقت العديد من الدول الشرقية والغربية في إعطاء المرأة حق التصويت والترشح حيث قامت تركيا بإعطاء المرأة حق المشاركة السياسية عام 1934 بينما قامت فرنسا وإيطاليا بإعطاء حق المشاركة السياسية للمرأة عام 1946 وتأخر سويسرا في ذلك كثيرًا وأعطت المرأة حقها السياسي عام 1971.

وتفيد المصادر التاريخية بأنه أصبح حق للمرأة التركية في الترشح لرئاسة البلديات عام 1930 وأصبح لديها الحق في الترشح لمنصب مختار قرية أو حي عام 1933 وبتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 1934 تم إضافة بند جديد لمادة الانتخابات الدستورية ينص على ضرورة حماية حق المرأة بالتصويت والترشح الانتخابي دون أي قيد أو شرط.

ولكن تبين مؤسسة الدراسات الاستراتيجية التركية "أوساك"، في تقرير دراسي لها بعنوان "تعدد دور المرأة التركية في الحياة السياسية"، بأن "المرأة التركية هي المرأة الأولى في المنطقة التي حصلت على حق المشاركة السياسية وسبقت تركيا العديد من الدول الأخرى في إعطاء المرأة هذا الحق ولكن هذا الحق منذ تاريخ إصداره وحتى التسعينات من القرن الماضي كان بمثابة حق نظري ولم يُترجم إلى الواقع بشكل سريع وكما يجب أن يكون".

وتضيف أوساك بـأنه "عند ذكر موضع معدل تمثيل المرأة السياسي ومعدل مشاركتها السياسية فإن هناك مقولة تركية مشهورة تُذكر على الفور وهي "النساء التركيات بدؤوا في الحياة السياسية التركية مبكرًا ولكنهم بقوا في مؤخرة السباق السياسي".

وتفيد أوساك بأن "هناك عدة عوامل حرمت المرأة التركية من حقها السياسي في المشاركة في العملية السياسية بشكل جيد وفعال، ويمكن سرد هذه العوامل الأساسية بالشكل التالي:

ـ العامل التاريخي الاجتماعي: انقلب الضباط العثمانيين على السلطان العثماني عبدالعزيز عام 1876 وأنزلوه من العرش ووضعوا مكانه السلطان محمد رشاد ولكن لأنه كان مختل عقليًا وضعوا محله السلطان عبد الحميد الثاني الذي قام بدوره بقبول "القانون الأساسي" الذي يعطي الحق للمواطنين انتخاب نواب ومبعوثين ممثلين لهم في مجلس المبعوثين "مجلس النواب" وبعد هذا التاريخ بدأ هناك حق انتخاب للمواطنين العثمانيين ولكنه اقتصر على الرجال البالغين سن 21 عام. هذا العامل التاريخي أبقى بظله على عقول وأذهان المواطنين الأتراك أحفاد المواطنين العثمانيين الذين استمروا في عد المرأة غير مؤهلة للمشاركة في الحياة السياسية وبأن واجبها في الحياة يقتصر على العناية بالبيت لا أكثر.

ـ العامل السياسي: على الرغم من إقرار حق المرأة في المشاركة السياسية بشكل قانوني دستوري إلا أن النظام السياسي التركي الذي حكم تركيا لسنوات طويلة منع المحجبات، الذين يشكلون نسبة 60 % من المجتمع التركي، من الترشح وكما منع البعض من التصويت في بعض المناطق وأكبر مثال على تعطيل علمية ترشح المحجبات كنواب في البرلمان التركي حادثة طرد مرود قاوكشي بتاريخ 2 أيار/ مايو 1999 من جلسة حلف اليمين في البرلمان من قبل رئيس وزراء تركيا في ذلك العهد بولنت أجاويد وتم سحب عضويتها وحصانتها البرلمانية بدعوى أنها لم توضح للبرلمان بأنها على حيازة للجنسية الأمريكية.

ولكن يفيد التقرير الخاص بأوساك بأنه "على الرغم من العوائق السياسية والاجتماعية والتاريخية التي واجهتها المرأة في موضوع المشاركة السياسية ألا أنه في التسعينات وفي يومنا الحالي أصبح هناك إزدهار غير ملحوظ في موضوع استخدام المرأة لحقها الانتخابي والسياسي ومن أكثر الأمثلة الواضحة على تمتع المرأة بنيل حقوقها السياسية بشكل جيد وإيجابي مقارنة بالعهود السابقة لتاريخ الجمهورية التركية؛

ـ تولي تانسو تشيلر زعامة حزب الطريق القويم ما بين 1993 إلى 2002 وأيضًا توليها لمنصب رئاسة الوزراء مابين 1993 إلى 1993.

ـ بعد تولي حزب العدالة والتنمية استفادة المرأة من حقها في التصويت بشكل كامل ودون أي حواجز أو موانع، وأيضًا دخول 4 نائبات محجبات عن حزب العدالة والتنمية بتاريخ 31 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 بعد كان أمرًا مستحيلًا وأيضًا دخول 21 نائبة للبرلمان من كافة الأحزاب البرلمانية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة بتاريخ 7 حزيران/ يونيو 2015 وهذا عدد أكبر عدد للنائابات التركيات داخل البرلمان منذ تأسيس الجمهورية التركية.

وفي نهاية التقرير "تمنت أوساك المزيد من التقدم في حقوق المرأة في المشاركة السياسية ليس فقط في تركيا بل في جميع أنحاء العالم بلا استثناء".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!