جلال سلمي - خاص ترك برس

"الرصاص الحقيقية هي تلك الرصاصة التي أطلقت ضد الجهد الذي كان يُبذل لجمع المواطنين الأكراد والأتراك، في تركيا، في صف واحد بعيدًا عن المشاعر والأحاسيس القومية".

تأمّل المواطنون الأتراك والأكراد من عملية السلام الداخلي الخير الكثير والكل أصبح سعيدًا بميلاد فرصة جديدة تكون قادرة على طي صفحات التفرقة القومية والاقتتال الداخلي الذي استمر لأكثر من ثلاثين عامًا قدمت خلالهما الكثير من الخسائر المادية والبشرية من الجنود والمدنيين.

يًفيد الباحث السياسي الخبير في قضايا الإرهاب يوسف أوزكير، في مقال تحليلي له بعنوان "مكافحة الإرهاب" نُشر في صحيفة ميلاد التركية بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر الجاري، بأن "الكل كان يأمل باستيعاب الوضع وإنهاء عمليات الاقتتال التي بدأت بعد الانتخابات البرلمانية بشكل سريع ودون تمادي المؤامرة فيها ولكن بعد عملية داغلجا الإرهابية المؤلمة ذهبت تركيا في مسار نحو الحرب المدمرة والقاسية التي لا يمكن أن تنتهي قبل تمكن الجيش من القضاء على حزب العمال الكردستاني بالكامل أو إذاقته العديد من العمليات العسكرية التي تعطل نشاطه لفترات طويلة".

ويؤكد أوزكير أن "حزب العمال الكردستاني لم ينقلب على عملية السلام الداخلي من منطلق نفسه بل هذه الإرادة النابعة من القوى الدولية التي لا تريد رؤية راية التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري التنموي التركي ترفرف في المنطقة، وعمدت هذه القوى في هذه الفترة لإلهاء تركيا بشؤونها الداخلية لِيَحلُو لهم تقسيم سوريا دون أي اعتراض من قبل أي دولة قوية إقليميًا أي تركيا".

ويتساءل أوزكير في دراسته قائلًا: "أعلم أن حزب العمال الكردستاني يهدف لتحقيق الانفصال الكامل لمنطقة شرق وجنوب شرق الأناضول، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو؛ هل يعتقد حزب العمال الكردستاني فعلًا أنه يستطيع الانتصار على تركيا عسكريًا وتحقيق الانفصال بشكل كامل في المناطق التي يزعم أنه سيحقق الانفصال فيها؟ الجواب بالطبع: مستحيل، إذًا لماذا لم يقبل حزب العمال الكردستاني بالحقوق الجمة والمتنوعة التي أقرتها تركيا  للمواطنين الأكراد في تركيا وقبل بالانجرار وراء المؤامرة الدولية ضد عملية السلام الداخلي مثل "الأبله" أو "الطفل الرضيع" إن صح التعبير؟ هل يعتقد حزب العمال الكردستاني أنه  سيحقق هدف الانفصال ويحصل على المزيد من الحقوق!!؟".

ويضيف أوزكير أن "حزب العمال الكردستاني مع تخاذله وقبوله الانجرار وراء المؤامرة الدولية ضد عملية السلام الداخلي يدفع تركيا لشد الوثاق على المناطق التي يتواجد بها الأكراد بشكل كثيف، وهذا سيحرم المواطنين الأكراد من التنعم بالسلام والهدوء الذي حصلوا عليه نتيجة لعملية السلام، وبالتالي سينحرمون من المزيد من الحقوق التي حصلوا عليها نتيجة لعملية السلام أيضًا، ألا يعلم حزب العمال الكردستاني بأن لكل فعل رد فعل وألا يعلم هذا الحزب الإرهابي عديم الحنكة السياسية بأن أصبحنا في عصر الديمقراطية وأي مسألة سياسية أو حقوقية أصبحت تُحل عن طريق الديمقراطية والمشاورات السياسية بشكل أنجح من الأسلوب العسكري الهمجي الذي لا يولد إلا الخسران".

ويشير الباحث السياسي التركي فخر الدين ألتون، في مقال له بعنوان "احذر الفتنة" نُشرت في جريدة الصباح التركية بتاريخ 10 أيلول/ سبتمبر 2015، إلى أن "عمليات القتل والترويع وإفساد أمن المواطنين التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني ستدمر الحقوق التي حصل عليها المواطنين الأكراد قبل بدء العمليات الإرهابية، وستضطر تركيا لتخفيض معيار الحقوق المُقدمة للمواطنين الأكراد لتتمكن من حفظ أمنها واستقرارها في تلك المناطق".

ويقول ألتون "إن من أهم تلك الحقوق هي الحقوق الدستورية التي كان حزب العدالة والتنمية ينوي طرحها على البرلمان ولكن يبدو أن هذه الحقوق لن تتم مناقشتها في ظل دخول تهديد السلاح، الأمر الذي سيجعل حزب العدالة والتنمية يتجنب طرح هذه الحقوق لكي لا يفقد ثقة ناخبه التركي بدعوى انصياعه لتهديد سلاح حزب العمال الكردستاني".

وحسب أوزكير وألتون؛ هذه المؤامرة الدولية أضرت بعملية السلام بشكل كبير كما أضرت بالحقوق التي اكتسبها وكان سيكتسبها المواطنون الأكراد بعد مناقشة التعديلات الدستورية تحت قبة البرلمان، ولكن يبدو أن هذا الأمر أصبح شبه مستحيل، ويبدو بأن حزب العمال الكردستاني كان يجب أن يكون أكثر عقلانية في تخاذله وانجراره وراء هذه المؤامرة".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!