ترك برس

تنقل صحيفة الشرق عن الأكاديمي السياسي الأمريكي "ميلتون سي كامينغرا" تعريفه للثقافة الدبلوماسية على النحو الآتي "تبادل المعلومات والأفكار والقيم والنظم والتقاليد والمعتقدات، وغيرها من جوانب الثقافة التي تسعى جميع الدول ذات الأهداف الاستراتيجية نشرها، بقصد تعزيز التفاهم المتبادل، وتوسيع حلقة قبول الشعوب لأفكارها وخططها السياسية والاقتصادية".

وترى الكاتب السياسية "ميرا الكعبي" أن "الدبلوماسية الثقافية أصبحت أهم الوسائل التي تستخدم من أجل إرساء دعائم قوية للسياسة الخارجية الخاصة بدولة ما"، وتذكر الكعبي، في مقالها "الدبلوماسية الثقافية" الذي نشر في صحيفة "الشرق"، أن هناك عدة مجالات مختلفة للممارسة الدبلوماسية الثقافية، منها:

ـ الفن والموسيقى ونشرهما بكافة اللغات على أوسع نطاق عالمي.

ـ الآدب والفن.

ـ الأبحاث العلمية.

ـ الإرساليت والبعثات العلمية المتبادلة.

ـ المؤسسات الثقافية الملحقة بالسفارات في الخارج.

ـ المعارض الدولية باختلاف مجالاتها.

ـ البطولات الرياضية التي تقام على مستوى دولي.

ـ المهرجانات الفنية والسينمائية والأدبية وسواها.

وتشير الباحثة السياسية "حُميراء شاهين" إلى أنه "في ظل عصر العولمة الذي يعشيه العالم، تتسابق الدول لنشر إرثها الثقافي على أعلى المستويات، بقصد نشر قيمها الثقافية وجذب الشعوب حول العالم لثقافتها، وبالتالي الحصول على سهولة مرنة في ترويج منتجاتها الاقتصادية وخططها السياسية والعسكرية "في بعض الأحيان"".

وتوضح شاهين أن "تركيا اليوم تمتلك إرث ثقافي وحضاري مهم وتليد يعود إلى تاريخ قديم، وهذا ما يتيح الفرصة لتركيا لممارسة دبلوماسيتها الثقافية بكل سلاسة، لأن إرثها الثقافي مليء بالعديد من الجوانب الثقافية التاريخية التي تربط أكثر من شعب مجاور بها".

 

يعود تاريخ الدبلوماسية السياسية الثقافية التركية إلى القرن الثامن عشر، حيث تنقل المواثيق التاريخية أن الدولة العثمانية بدأت في عهد السلطان سليم الثالث "1761 ـ 1808" وبالتحديد عام 1793 بفتح أولى سفارتها في مدينة باريس، ومن ثم تشعبت السفارات العثمانية لتشمل عددًا كبيرًا من العواصم الغربية.

وحسب ما تبينه المواثيق التاريخية، فقد كان يرافق السفير العثماني السياسي كادر ثقافي وديني وعسكري، وما كان يجعل الكوادر الدبلوماسية المُرسلة إلى الخارج قليلة العدد هو الصعوبة البالغة التي كانت تواجه الدولة العثمانية في إيجاد أناس مؤهلة لممارسة العمل الدبلوماسي ونشر الفكر العثماني السياسي في أوروبا، ولمواجهة هذه المعضلة تم تأسيس مدرسة تعليم لغات أجنبية وتأهيل شخصات دبلوماسية عام 1821 من قبل الباب العالي.

وتشير الباحثة التاريخية "بارنا غوركيش" إلى أنه "من باب حرص الدولة العثمانية البدء في العمل الدبلوماسي بالاعتماد على الناس المؤهلة وذات الخبر أوقفت عام 1821 البعثات الدبلوماسية السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية إلى الخارج، وأعادت إرسالها بعد تنشئة كوادر ذات كافئة قادرة على تسيير العمل الدبلوماسي بخبرة واتقان".

وتوضح غوركيش، في دراسة أكاديمية لها بعنوان "استراتيجيات الدبلوماسية الثقافية الاجتماعية"، أن "الدبلوماسية الثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي بدأت في العهد العثماني، استمرت بعد تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، ولكن نشاطها وحيويتها اقتصرت على الدول الأوروبية، لاعتقاد مؤسسي الجمهورية إمكانية جعل تركيا دولة غربية من خلال تفعيل العلاقات الدبلوماسية الحيوية مع الدول الأوروبية".

وتردف غوركيش بالقول "ظل النشاط الدبلوماسي السياسي والثقافي التركي مقتصرًا على الدول الأوروبية إلى عام 1983، حيث تولى في ذلك العام، رئاسة الوزراء "تورغوت أوزال" الذي اتخذ من تنويع العلاقات مبدأً للعلاقات التركية مع جميع الدول الأخرى، وليس فقط الدول الأوروبية كما كان في السابق".

ومن جانبه، يبين المختص في مجال العلاقات الدبلوماسية "فرات بورتاش"، في دراسة أكاديمية له بعنوان "الدبلوماسية الثقافية التركية"، أن "رئيس الوزراء والرئيس التركي الأسبق "تورغوت أوزال" هو من أوقد شعلة التنوع في العلاقات الدبلوماسية السياسية والثقافية مع كافة الدول حول العالم دون استثناء، واليوم حكومة حزب العدالة والتنمية تسير على نفس النهج الذي سار عليه أوزال، لتصور قادتها بأن تنوع العلاقات الدبلوماسية يفتح الطريق للوصول إلى تحقيق العديد من الأهداف الأخرى".

ويضيف بورتاش: "اليوم حكومة حزب العدالة والتنمية تقوم بالعديد من الأنشطة التي تُقيم على أنها تدعم الدبلوماسية الثقافية، ويمكن إيجاز بعض هذه الأنشطة بالشكل التالي:

ـ تقديم منح تعليمية لأعداد كبيرة من الطلاب حول العالم.

ـ تنظيم المهرجانات والمعارض الثقافية الثنائية أو الشاملة لعدد من الدول.

ـ نشر الأفلام والمسلسلات التركية على مستوى عالمي.

ـ نشر الموسيقى التركية.

ـ تزويد البعثات الدبلوماسية بكادر مُحترف في مجال تبادل العلاقات الثقافية.

ـ دعم الأبحاث العلمية من خلال مؤسسة توبيتاك.

وغيرها الكثير من الأنشطة التي تصب في مجال الدبلوماسية الثقافية، وتجعلها على مستوى جيد، يرفع من مستوى القبول الشعبي والحكومي في بعض الأحيان للسياسات والخطط التركية، وهناك العديد من نتائج الأبحاث الملموسة التي تؤكد ازدياد نطاق تأثير سياسات تركيا الثقافية على بعض شعوب وحكومات المنطقة والعالم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!