ترك برس

"لا يمكن الإدعاء بأن أزمتي اللاجئين وسوريا ومانتج عنهما من نتائج جسيمة أضرت بالمصالح الأوروبية، هما فقط الدافعان الأساسيان في جعل الاتحاد الأوروبي يعود من جديد لإحياء المفاوضات مع تركيا وطرح مشروع انضمامها بشكل كامل إلى الاتحاد الأوروبي".

حسب الباحث السياسي "طلحة كوسا"، الباحث السياسي المختص في مجال النزاعات الدولية، فإن أزمة اللاجئين هي فعلا ً المحرك الأساسي للاتحاد الأوروبي لدعوة تركيا من جديد والجلوس معها على طاولة مستديرة والتباحث معها بعدة قضايا عالقة في المنطقة بشكل ثنائي، ولكن في الكواليس الخلفية هنالك عاملين أساسيين أخرين وراء عودة الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي هما؛ إيقان قيادات الاتحاد الأوروبي أنه في ظل وجود بوادر صعود الإرهاب في العالم لا يمكن توفير الأمن والاستقرار للاتحاد الأوروبي، وذلك لأن تركيا تمثل البوابة الشرقية للاتحاد الأوروبي، تلك البوابة التي يمكن أن يقصدها من يهدف لاستهداف أمن واستقرار الاتحاد الأوروبي، العواقب الاقتصادية الوخيمة التي يمكن أن تصيب الاتحاد الأوروبي جراء تفاقم الأزمات الأمنية والسياسية في عدة منطقة حول العالم.

ويرى كوسا أن " حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تركيا في استيراد الغاز الطبيعي من الدول المُصدرة له من خلاله استخدام الأراضي التركية، تشكل هاجس رئيسي لدى قادة الاتحاد الأوروبي للاعتدال مع تركيا والعودة إلى أحضانها مضطرين".

ويضيف كوسا أن "الدافعين الأساسيين في جعل الاتحاد الأوروبي يعود من جديد لإحياء المفاوضات مع تركيا وطرح مشروع انضمامها بشكل كامل إلى الاتحاد الأوروبي هما أزمتي اللاجئين وسوريا وما نتج عنهما من عواقب وخيمة أضرت بالكيان الهيكلي والمصالح السياسية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي، ولكن يبقى للعوامل الفرعية أيضا ً تأثير ملحوظ على جعل تركيا بلاد لا يمكن التخلي عنها بالنسبة للاتحاد الأوروبي وأمنه واستقراره".

ومن جانبه، يقول الباحث المختص في العلاقات التركية الأوروبية "سيفي طاش هان"، في مقاله "الاتحاد الأوروبي وتركيا "نقاط مشتركة"، إن "الاتحاد الأوروبي بعد أزمة 2008 النقدية فقد رؤيته الاستراتيجية، إذ بعد هذه الأزمة بدأ ينظر إلى الأزمات بشكل جزئي وبدأ يتجنب حل الأزمات العالمية بشكل شامل، انتهج الاتحاد الأوروبي عقب هذه الأزمة منهج "القوة الناعمة" أو "القوة المثالية" أو "القوة الاقتصادية العظمى" وأضحى يأخذ بنفسه بعيدا ً عن محيط التوترات الجيو سياسية القائمة في العالم أجمع".

ويستطرد طاش هان حديثه بالقول "لم يستطع الاتحاد الأوروبي إدامة سياسته الناعمة التي تبناه عشية أزمة 2008، إذ أصبح من الواضح له بأنه أحد الأقاليم المهمة المتؤثرة سلبا ً من الأزمات الجيو سياسية، وتعتبر تفجيرات "شارلي إيدو"، وسيل اللاجئين الذي أصاب الاتحاد الأوروبي بأحجام عاتية، وتفجيرات باريس الأخيرة، المنبهات القوية التي أيقظت الاتحاد الأوروبي بعد غفلته المقننة بضراوة القوة الاقتصادية الناعمة في تجنيبه الأزمات السياسية في العالم".

ومن الجدير الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى تحليلات وتوقعات الباحثين المختصين في العلاقات الأوروبية التركية، أكدت القيادات الأوروبية وعلى رأسها "الرافض الأساسي" لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بالكامل المستشارة الألمانية "أنجيلا مايكل"، على هامش زيارتها الأخيرة لتركيا في أكتوبر المنصرم، أن تركيا دولة ذات دور محور في قضية الاستقرار الخاص بالمنطقة ككل، وسيتم مناقشة كافة الاحتمالات التي تؤهلنا للتعاون معها للتوصل إلى حلول ناجعة تجاه المخاطر العديدة التي تواجه العالم.

ويؤكد طاش هان أن "تفاقم الأزمة الأوكرانية والسورية والمولدوفية وما نتج عنهم من سيل متدفق من اللاجئين جعل من تركيا دولة لا يمكن الاستغناء عنها من أجل تخفيف حجم الضغط الذي شكله هذا السيل ومن أجل تلافي المعضلات الأمنية والهيكلية التي طغت على الساحة الأوروبية، وبالتعاون المشترك بين الطرفين يمكن تفادي هذه المشاكل، ولا يمكن أي دولة أخرى سوى تركيا قادرة على مساعدة الاتحاد الأوروبي في تخطي الأزمات التي يُعاني منها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!