ترك برس

وصل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بالأمس، 1 شباط/ فبراير 2016، إلى العاصمة التشيلية "سانتياغو"، وسط مراسم استقبال فخمة من قبل نظيرته التشيلية "ميشال باشيلي".

هذا ومن المُتوقع أن تشمل زيارة أردوغان لأمريكا اللاتينية عددا ً من دولها "بيرو، تشيلي، الإكوادور" التي تطمح تركيا إلى عقد عددا ً من الاتفاقيات الاقتصادية معها، في إطار خطتها الاقتصادية الرامية لإيجاد بدائل اقتصادية عن منطقة الشرق الأوسط التي فقدت تركيا بها ما يقارب 40% من حجم تجارتها، نتيجة لما تعاني منه المنطقة من حالة فوضى عارمة.

ودُفعت تركيا للسعي إلى إيجاد بدائل اقتصادية جديدة، عقب حدوث تضاؤل بنسبة 8.7% في حجم صادراتها، حيث بلغت

144 مليار دولار للعام 2015 مقارنة بالعام الماضي الذي وصل فيه حجم الصادرات إلى 157,6 مليار دولار، وكما حدث انخفاض بنسبة 14%  في حجم الواردات، حيث بلغت 207 مليار دولار للعام 2015 مقارنة بالعام الماضي الذي وصل فيه حجم الواردات إلى 242 مليار و224 مليون دولار.

التراجع المشهود في حجم الصادرات والواردات التركية جعل من حجم الميزان التجاري التركي ينخفض بقيمة 20 مليار دولار، حيث وصل في عام 2015، 63 مليار دولار.

ويُعزى حجم هذا الانخفاض في الصادرات إلى ازياد حجم الفوضى وانخفاض أسعار النفط اللذين تشهدهما منطقة الشرق الأوسط والتي تشكل العُصب الأساسي للصادرات التركية، أما انخفاض حجم الواردات فيعود إلى انخفاض حجم صادرات الطاقة المستوردة من الخارج، بسبب تراجع الإنتاج الصناعي الناتج عن تضاؤل الصادرات.

ومن جانبه، يُعزي الخبير الاقتصادي "جنيد باشاران" التراجع في الحجم الإجمالي للتجارة التركية خلال عام 2015 إلى الأزمة الروسية التركية التي اندلعت عقب إسقاط الطائرة الروسية الحربية المُخترقة للأجواء التركية بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، مُشيرًا إلى أنه على الرغم من أن الأزمة جاءت في الأشهر الأخيرة للعام المنصرم، إلا أن تأثيرها على تراجع حجم الصادرات والواردات كان كبير جدًا.

ويُشير باشاران، في مقاله "تركيا وأمريكا اللاتينية"، نُشرت في صحيفة "خبر ترك"، بتاريخ 1 شباط 2016، إلى أن التجارة التركية منذ أربع سنين وهي في حالة انخفاض متفاوت، وذلك لعدة عوامل أهمها، الأزمة المالية الأوروبية التي طالت عددًا من الدول الأوروبية على رأسها اليونان وبلغاريا، حالة الانكماش المُسيطرة بشكل عام على الاقتصاد العالمي، الربيع العربي وما تبعه من حالة فوضى عارمة في المنطقة.

وهنا يظهر بأنه في ظل النموذج الاقتصادي الذي يحكم النظام العالمي في وقتنا الحالي، لا بد أن تتأثر الدول حول العالم بشكل أو بآخر من الأزمات السياسية الناجمة عن أسباب مختلفة.

وفي ظل التراجع الملموس لحجم التجارة التركية، كان لا بد لتركيا من البحث عن أسواق بديلة لترويج سلعها ورفع مستوى حجم تجارته المتدني جراء العديد من الأزمات السياسية المحيطة بها والقريبة إليها، فمثلًا انخفضت الصادرات التركية الخاصة بالعراق فقط بمقدار 2 مليار دولار.

ومن الأسواق التي ترى فيها تركيا الأمل في استرداد حجم تجارتها المعتاد السوق الأمريكي اللاتيني والسوق الإفريقي، وذلك لأنهما سوقين استهلاكين يوفران لتركيا فرصة أكبر لاسترجاع الحجم المفقود من الحجم التجاري الخاص بها.

وتفيد وزارة الخارجية التركية، في تقريرها "حملة تركيا تجاه منطقتي أمريكا اللاتينية والكاريبي"، بأن تركيا تستهدف في أمريكا اللاتينية بشكل خاص الأسواق البرازيلية والأرجنتينية والتشيلية والبيروية والأكوادرية، لأن تلك الأسواق تمثل الأسواق الأكبر في القارة الأمريكية اللاتينية، وهذا ما يُمثل فرصة لتركيا لإيجاد بدائل اقتصادية مماثلة لأسواقها في حجم النمو، مما يُشكل بيئة مناسبة لخلق حجم تبادل متساوي أو قريب لعدد من السلع المختلفة.

ووفقًا لتقرير الخارجية التركية، يبلغ حجم الناتج القومي الإجمالي لتشيلي 240 مليار دولار، وتعتمد في صادراتها بشكل كبير على النحاس، بينما المواد الغذائية وبعض المواد الصناعية الأخرى، تعمل على توفيرها من الصين والولايات المُتحدة الأمريكية واليابان، وهذا ما يُبين أن هناك فرصة لتركيا لدخول السوق وعرض منتجاتها الغذائية والصناعية لتوفر الطلب المناسب لها في تلك السوق.

وحسب التقرير، فإن البيرو أيضًا تُعد من البلدان ذات الوضع الاقتصادي الجيد، إذ يبلغ حجم الناتج القومي الإجمالي لها  

200 مليار دولار، وتعتمد البيرو في صادراتها على النحاس والفولاذ، بينما المواد الغذائية والصناعات التكنولوجية الأخرى تستوردها من الولايات المُتحدة الأمريكية واليابان، وهذا ما يشكل فرصة ذهبية أخرى لتركيا لعرض منتجاتها في سوق ذات مستوى مرتفع من أصحاب الدخل الجيد الذين يمكن أن يشكلوا أداة استهلاك جيدة للبضائع التركية.

حجم الناتج القومي الإجمالي والدخل القومي الجيد لهذه الدول دفع تركيا إلى الرحيل إليها، رغبة في جعلها بديلة اقتصادية لها، بعد تضاؤل حجم تجارتها بشكل كبير، وعلى ما يبدو أن زيارة الرئيس التركي الحالية ستنجب العديد من الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة بين تركيا ودول تلك القارة، والتي ستجعل من أمريكا اللاتينية أحد البدائل الاقتصادية الهامة لتركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!