جلال سلمي - خاص ترك برس

الشعب الكردي هو أحد الشعوب الأصيلة التي عاشت ضمن حضارات ما بين النهرين، وشكلتها ولعبت دورًا مهمًا في الحضارات الإنسانية القديمة والحديثة في المنطقة.

وظل الشعب الكردي جزءًا من هذه الحضارات ومساهمًا في تشكيلها حتى انقطاع النفس الأخير لآخر حضارة عريقة حكمت المنطقة لما يزيد عن 600 عام، إلا وهي الحضارة العثمانية.

وفي أربعينيات القرن الماضي، بدأت الدول الاستعمارية تمنح الدول المُستعمرة استقلالها وترحل عنها برعاية مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة. وعلى الرغم من حصول كافة الشعوب على استقلالها في منطقة الشرق الأوسط، ظل الشعب الكردي الشعب الوحيد الذي تقطعت أوصاله ولم يحصل على حقه مثل الشعوب الأخرى. حاول الأكراد عام 1946 بقيادة قاضي محمد ومصطفى بارزاني إقامة جمهورية كردية باسم "جمهورية مهاباد" في أقصى شمال إيران.

نجح محمد وبارزاني في إقامة الجمهورية الكردية، بتاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 1946، في مهاباد ذات الكثافة السكانية الكردية بمساندة الاتحاد السوفييتي الذي كان يحتل شمال إيران في تلك الفترة، ولكن لم يستمر كيان جمهورية مهاباد سوى 11 شهرًا، حيث انسحب الاتحاد السوفييتي من شمال إيران، وقضت القوات الملكية الإيرانية على الدولة الكردية بشكل كامل.

ووفقًا لاتفاقية سيفر المُوقعة بين الدولة العثمانية ودول التحالف إبان الحرب العالمية الثانية بتاريخ 10 آب/ أغسطس 1920، فإن الأكراد في الأراضي العثمانية، سيحصلون على حق الحكم الذاتي، ويحق لهم بعد عام واحد مراجعة عصبة الأمم للحصول على الاستقلال التام.

ولكن مع انهيار الدولة العثمانية عام 1923، فقدت معاهدة سيفر كيانها، وفقد الأكراد ما كانوا يسعون إليه، وتوزّعوا ضمن الحدود التركية والعراقية والسورية والإيرانية، وما زالوا إلى يومنا هذا يعيشون على هذا النمط، باستثناء أكراد العراق الذين تمكنوا من الحصول على حكم ذاتي عقب احتلال أمريكا للعراق.

الوضع العام للأكراد في المنطقة

في إطار تقييم الوضع العام للمواطنين الأكراد الموجودين في تركيا وسورية والعراق وإيران، توضح الباحثة السياسية "مريم جيباري"، في مقالها "تركيا.. الصديق الوحيد للمواطنين الأكراد"، نُشر في صحيفة "صباح"، بتاريخ 4 فبراير/ شباط 2016، أن الأكراد في سورية، منذ نيل الأخيرة استقلالها وحتى اشتعال فتيل الثورة السورية العادلة، وهم في حالة يُرثى عليها، حيث لم يتم الاعتراف بهم كمواطنين حتى، ولم يحصلوا على حققوهم الإنسانية والوطنية الطبيعية.

وتشير جيباري إلى أن أكراد العراق أيضًا، لم يكن حالهم أفضل من حال أكراد سورية، بل كانوا تحت نيران وويلات النظام العراقي، ولم يحصلوا على كافة حقوقهم التي يسعون لنيلها، حتى الحرب الأمريكية على العراق، مضيفةً أن أكراد إيران سئموا من منصات الإعدام، إلى أن وصل رعب الثورات والانتفاضات الحكومة الإيرانية فوهبتهم قليلًا من الحقوق التي يطالبون بها.

وفيما يتعلق بأكراد تركيا، يرى الباحث السياسي "أورهان ميرأوغلو"، النائب عن حزب العدالة والتنمية ذوي الأصول الكردية، في مقالة "من الأقرب للكرد"، نُشرت في صحيفة "ستار"، أن أكراد تركيا في بدايات تأسيس الجمهورية التركية وإبان انقلاب عام 1980، عانوا بعض الشيء من تنكيل حكومة حزب الشعب الجمهوري بهم، ولكن في هذه الفترة لم يكن المواطنون الأكراد فقط هم المستهدفون من قبل نهج حكومات حزب الشعب الجمهوري والعسكر، بل إن الشعب التركي بكافة أطيافه وعروقه كان له نصيب معلوم من سياسة الظلم والإقصاء هذه التي مارستها حكومة حزب الشعب الجمهوري والحكومات الانقلابية ضد كل من يطالب بحقه الوطني الطبيعي.

ويتابع ميرأوغلو مبينًا أنه على الرغم من بعض الفترات الصعبة القصيرة التي مرت على الشعب الكردي في تركيا، إلا أن حقوقه الوطنية، مثل حق المواطنة، وحق العمل في مؤسسات الدولة، وحق الانتخابات والترشح وغيرها من الحقوق، كانت محفوظة بشكل متساوٍ مع بقية المواطنين.

ومن جانبه، يؤكد الباحث والصحافي محمود أوفور، في مقاله "هل انتهت عملية السلام مع الأكراد؟"، نُشرت في صحيفة "صباح"، 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أن المواطنين الأكراد حصلوا على حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة، لم يتمكن أي مواطن كردي يعيش في إيران أو العراق أو سورية من الحصول عليها بشكل قانوني من قبل حكومات تلك البلدان، موضحًا أن ذلك ليس منّة على الأكراد، بل هو حق لهم واجب على الحكومة التركية تقديمه لهم، ولكن لو أقمنا مقارنة موضوعية لنجد أن تركيا هي أكثر دولة قدمت للمواطنين الأكراد حقوقهم التي يريدونها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!