ترك برس

فتح القائد العثماني السلطان "محمد الفاتح" إسطنبول في آيار/ مايو من عام 1453، بعد قيامه بالعديد من المحاولات الحثيثة الرامية لتحقيق ذلك، ويُقال: "إن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"، كان من أقوى المحفّزات التي دفعت السلطان محمد إلى بذل هذه الجهود.

وبدخول إسطنبول تحت إمرة الدولة العثمانية، تحولت إلى مدينة مسلمة، يقطنها المسلمون ويمارسون فيها شعائرهم الإسلامية، من بينها صوم رمضان، وكما هو معلوم يعد الإفطار أحد أهم شعائر الشهر الفضيل، فما هي الطريقة التي كان سكان إسطنبول يستدلون بها على وقت الإفطار؟

تجيب مجلة "دارين تاريخ" عن هذا السؤال، عبر دراسة لها بعنوان "كيف كان الإسطنبوليون يعلمون بحلول وقت الإفطار؟"، ذلك في عددها الثامن والعشرين الصادر في يوليو 2014، حيث تُشير المجلة إلى أن السلطان محمد الفاتح بعد فتحه إسطنبول قام  بإنشاء قصر الباب العالي وجعله المركز الرئيس لإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، مبينة  أن قصر الباب العالي استمر على هذا المنوال حتى عهد السلطان عبد المجيد "1839 ـ 1861" الذي حول وجهة إدارة شؤون البلاد إلى قصر "دولما باهتشي".

وتوضح المجلة أنه عقب إنشاء قصر الباب العالي عمل السلطان محمد الفاتح على تأسيس زاوية على جانب قصر، وبالتحديد في اتجاه منطقة "بيازيد"، وكان المكان عبارة عن 3 أفنية واسعة، وفي كل فناء يوجد مدفع يقوم بالإطلاق عند حلول وقت الإفطار، وكان صدى صوت المدافع قادرا على إيصال الصوت إلى شطري مدينة إسطنبول الأسيوي والأوروبي.

وتبيّن المجلة أن السلاطين العثمانيين المتعاقبين على السلطة في الدولة العثمانية، اهتموا اهتماما بالغا بالمدافع، وكانوا يجرون لها الإصلاحات التقنية اللازمة، موضحة  أن القذائف الخاصة بالمدافع كانت تجلب إلى إسطنبول عبر بغداد، وكان السلاطين والأمراء العثمانيون يشاركون بإطلاق قذائف المدافع في أول يوم من أيام شهر رمضان.

وتنوه الصحيفة إلى السلطان العثماني إبراهيم الذي قام عام 1640 بإنشاء شرفة من أعمدة وقبة نحاسية، وعمل على ترصيع قبتها بمزركشات وأشكال جميلة، ووضع على قمة القبة أيقونة رمزية تحمل لفظ الجلالة، وحرص على إنشاء الشرفة في نقطة عالية من القصر، وبذلك أصبح الصوت يصل إلى كافة المناطق السكنية الموجودة في إسطنبول، وأصبحت حتى الجزر الموجودة على أطراف المدينة تسمع صوت المدافع عند إطلاقها.

وتدعو الصحيفة الجميع إلى زيارة تلك الشرفة التي ما زالت قائمة على أصولها في القصر العالي، مشيرة ً إلى أنه عند الوقوف عليها سيتمكن المرء من رؤية الجزر القاصية، منوهة إلى أنه لطالما بإمكان المرء الواقف على الشرفة رؤية هذه الأماكن، فإن صدى صوت القذائف المطلقة من مدفعها الضخم سيصل من دون أدنى شك إلى العديد من المناطق في إسطنبول.

وتكشف الصحيفة  أن بعض السلاطين العثمانيين واظبوا على تناول الإفطار في شرفة المدفع، الأمر الذي دفع بعض المؤرخين العثمانيين ليطلقوا عليها اسم "الشرفة الإفطارية"، مشيرة ً إلى أن هناك لوحة نحاسية تعرّف بتاريخ ووظائف الشرفة، هذه اللوحة مكتوبة باللغة العثمانية وملصقة على الجدار الأمامي للشرفة.

وتلمح الصحيفة إلى أنه عقب الدخول إلى الشرفة والنظر نحو القبة سيلاحظ الناظر أن هناك دعاء مكتوب على القبة، منوهة ً إلى أن هذا الدعاء كان يردده المسؤول عن المدفع قبل إطلاق القذيفة، وفحوى هذا الدعاء هو " يا رب هبنا السعادة، والقوة، والعزة".

وتشير الصحيفة، إلى وجود كتابات أخرى غير واضحة، في الشرفة، يعتقد المؤرخون وأدباء اللغة التركية، أنها كتابات تحتوي على أدعية وابتهالات أيضا.

وبحسب الصحيفة، استخدم السلاطين العثمانيون الشرفة لوظائف متنوعة ومختلفة، مثل مشاهدة الفعاليات الرياضية، استقبال المهنئين بالأعياد، الجلوس فيها خلال ليالي الصيف للمسامرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!