عدنان عبد الرزاق - خاص ترك برس

على رغم التصميم وعمل حكومة "العدالة والتنمية" وعلى غير مستوى وصعيد، يبدو أن الطريق لحلم 2023 لم يعد مفروشاً بالورود والأماني، فما إن تخرج تركيا من مطب أو اختبار، حتى يُحاك لها آخر، فمن موقفها من ثورات الربيع العربي، وسورية على وجه خاص، وما انعكس عليها من وخسائر حلفاء، وحصار بوصول إنتاجها، عبر سورية للمنطقة العربية وأفريقيا، وما تلاها من تفجيرات إرهابية طاولت غير ولاية، وركزت خلال العامين الفائتين على إسطنبول، إلى القطيعة الروسية إثر إسقاط طائرة حربية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، والتي أوصلت العلاقات بين أنقرة وموسكو، إلى ما قبل الاصطدام العسكري بقليل، وصولاً للانقلاب الفاشل منتصف تموز/ يوليو العام الفائت، وما تركه من آثار سلبية، على جميع المؤشرات الاقتصادية، من تضخم وتراجع الاستثمارات والسياحة.

لكن تركيا اليوم، وإثر ما يمكن وصفه بالسياسة البراغماتية الجديدة التي ألغت ما قبلها، من تصفير الخلافات أو كسب الاصدقاء، بدأت من جديد، تتلمس طريق الآمال نحو مئوية تأسيس الدولة ثانية، بعد أن تعدت نسبة النمو فيها، جميع الدول الأوروبية، بل وحلت ثالثاً بعد الصين والهند.

وبدأت تتصاعد الآمال اثر عودة المؤشرات الاقتصادية إلى أعلى مما كانت عليه عام 2015، بعد ارتفاع نسبة النمو خلال النصف الأول من العام الجاري لنحو 5% وتوقعات بوصولها 7% خلال الربع الثالث بحسب تصريحات وزير الاقتصاد، نهاد زيبكجي قبل أيام.

وكشف نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، عن الأهداف الاقتصادية متوسطة الأجل لتركيا، التي تسبق حلم مئوية الدولة، مبيناً أنها تتمثل في أن يتجاوز نصيب الفرد السنوي من الدخل 13 ألف دولار بحلول نهاية عام 2020، وأن ينخفض معدل البطالة إلى خانة واحدة بحلول عام 2019

وأضاف شيمشك امس، خلال افتتاح المؤتمر الثامن للتمويل في إسطنبول، نتوقع بحلول عام 2019 أن يتراجع التضخم إلى 9.5 في المئة، وإلى 5 في المئة بحلول عام 2020، وأن تنخفض نسبة العجز في الحساب الجاري في الدخل القومي إلى 3.9 في المئة، كما نتوقع أن يتراجع الاقتراض إلى إلى 1.3 في المئة في عام 2020.

وأكد المسؤول التركي، على السعي لتحقيق الأهداف من خلال عدة تدابير منها، الحفاظ على سياسة نقدية صارمة لاستقرار الأسعار، وزيادة خدمات التخزين المرخصة للحد من التقلب في التضخم في أسعار الأغذية.

ويرى مراقبون أن تركيا، وبعد تخطيها مطبات القطيعة مع روسيا والانقلاب الفاشل وفتحها أسواقا وعلاقات اقتصادية جديدة، باتت أقرب لتحقيق الأهداف التي وضعتها لعام 2023.

وتتمحور الأهداف الاقتصادية خلال مئوية تأسيس الدولة، على الارتقاء بالاقتصاد التركي ليصل إلى قائمة أعلى 10 اقتصادات على مستوى العالم، ورفع الناتج المحلي التركي إلى 2 تريليون دولار أمريكي سنوياً، فضلاً عن رفع دخل المواطن إلى 25 ألف دولار أمريكي سنويًا، وخفض معدلات الباطلة لتصل إلى نسبة 5% وزيادة نسبة التجارة الخارجية لتصل إلى تريليون دولار سنويا.

ويشير مراقبون هنا بتركيا، أن نسبة نمو الناتج والتوقعات بتعدي الصادرات 150 مليار دولار لهذا العام، بالإضافة إلى عودة السياحة إلى أعلى مما كانت عليه عام 2014 وتراجع نسبة البطالة لنحو 10.2%، كلها مؤشرات مبشرة لتحقيق الحلم الاقتصادي ودخول تركيا ضمن الاقتصادات العشر الكبرى بالعالم، علماً أن تصنيفها وفق آخر تقرير لصندوق النقد الدولي كانت بالمرتبة الثالثة عشر عالمياً والخامسة أوروبياً.

قي السياق، أشار نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية للشؤون الاقتصادية، جودت يلماز، أن بلاده  ستستمر في النمو، وإنها في الوقت الحاضر لديها ثالث أعلى نمو في مجموعة العشرين بعد الصين والهند، ويتوقع في الربع الثالث تحقيق معدل نمو يتجاوز الصين والهند.

ويضيف يلماز خلال تصريحات صحافية، أن الاقتصاد التركي تعافى في وقت قصير جداً بالرغم من محاولة الانقلاب الفاشلة بفضل جهود الحكومة وثقة الشعب بها، ورغم الأزمات فقد حقق نموًا بمقدار 3 أضعاف، من 230 مليار دولار إلى 860 مليار دولار.

ونوه المسؤول الحزبي إلى ما تقوم به الحكومة التركية من خطوات نحو النمو الاقتصادي والذي انعكس على أرقام التوظيف في شهر حزيران/ يونيو، حيث كانت الأرقام تشير إلى زيادة في معدل التوظيف بحيث تم جلب مليون و52 ألف وظيفة إضافية.

ويعتبر اقتصاديون أتراك، أن معيقات النمو التي تم وضعها بطريق النمو، قد زالت من أمام الاقتصاد، بعد افشال الانقلاب وتعافي جميع المؤشرات الاقتصادية، من بطالة وتضخم نقدي وصادرات.

ويرى الاقتصاديون أن عوامل عد، جاءت مؤاتية هذا العام، فرفعت من نسبة النمو، لعل ارتفاع الصادرات التي يتوقع أن تتعدى 157 مليار دولار أهمها، كما أن عودة السياح إلى أكثر مما كانوا عليه عام 2014، بعد القطيعة الروسية وعام الانقلاب، له دور مهم بتسارع النمو.

ويبين اقتصاديون أتراك، أن المناخ الجاذب الذي توفره الحكومة التركية، زاد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي ينعكس توطينها للمشروعات على مؤشرات كثيرة، منها تشغيل العمالة وتراجع التضخم وزيادة الصادرات.

وكان وزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفنكجي،  قد أكد مؤخراً أن بلاده سوف تحقق نسبة نمو تصل إلى 7 في المئة خلال الربع الثالث من العام الحالي.

ورأى الوزير التركي خلال تصريحات سابقة، أن أداء اقتصاد بلاده يتسم بالقوة والاستقرار خلال العام الجاري، معتبراً أن الانفاق الاستهلاكي الذي زاد بواقع 1.3 نقطة والاستثمارات بنسبة 2.9 نقطة والصادرات التي ساهمت بنحو 1.7 نقطة مئوية، هم أهم أسباب زيادة نسبة النمو للمركز الثالث عالمياً الذي بلغ خلال النصف الثاني من العام الجاري 5.1% لتبلغ تركيا ثالثاً ضمن مجموعة العشرين والأولى ضمن دول الاتحاد الأوروبي.

بدورها، قالت جميعة رجال الأعمال والصناعيين الأتراك "تومصياد" إن النمو الذي حققه الاقتصاد خلال الربع الثاني من عام 2017 سيسهل ويزيد من التفاؤل تجاه النمو الاقتصادي العام المقبل.

وأشار رئيس الجمعية، يشار دوغان خلال تصريح سابق، إلى أن النقطة الأبرز في حجم النمو الذي وصل إلى 5.1 بالمئة، هي القيمة المضافة لقطاع الصناعة والتي زادت بنسبة 6.3 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

عن الكاتب

عدنان عبد الرزاق

صحافي وكاتب سوري مقيم بإسطنبول منذ 2012


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس