ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحللين الاقتصاديين حول الأدوات التي يمتلكها البنك المركزي التركي للتعامل مع تراجع حاد في قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية خلال الآونة الأخيرة، والذي يعتقد كثيرون أنه ناجم عن مضاربات وتلاعب سياسي بهدف التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 يونيو/ حزيران القادم.

رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أرجع أسباب اضطراب أسعار العملة المحلية في الآونة الأخيرة، إلى عمليات تلاعب، مؤكدًا أن الحكومة تعرف مصدرها.

وقال يلدريم: "نحن على علم بمصدر التلاعب (بسعر الليرة)، ونقول لهم وللمُتعاونين معهم في الداخل: لن تنجحوا الآن كما لم تنجحوا بالأمس، مهما فعلتم ومهما حكتُم من مكائد".

وتراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية إلى 4 ليرات و555 قرشًا، مساء الأربعاء، عقب قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي التركي برفع سعر فائدة الإقراض من 13.5% إلى 16.5%.

وهبط الدولار مقابل الليرة التركية بشكل سريع عقب قرار البنك المركزي التركي، بعد أن كان قد ارتفع إلى أعلى مستوياته الأربعاء، ووصل إلى 4.92 ليرة.

وفي السياق انخفض سعر صرف اليورو مقابل الليرة التركية بنسبة 2%، وتراجع إلى 5.39 ليرة تركية.

الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجاموس، قال في تصريح لصحيفة "عربي21"، إن الليرة التركية استجابت بشكل كبير لتدخل البنك المركزي، لافتا إلى أن الارتداد الذي شهدته اليوم أمر طبيعي، ذلك أن انخفاض العملات إجمالا في أسواق الصرف الناشئة يتم بشكل سريع والارتفاعات تكون بطيئة وضعيفة وتحتاج إلى فترة زمنية طويلة قد تستغرق عاما في بعض الأحيان.

وقال الجاموس، إن أسباب انخفاض الليرة لمستويات قياسية (سواء الاقتصادية أو السياسية) لا تزال موجودة ولم تتغير، ومؤشرات الاقتصاد التركي لا تزال كما هي، والتقارير الدولية السلبية عن الوضع الاقتصادي التركي كما هي، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في عودة الليرة للانخفاض مرة أخرى أمام العملات الأجنبية بعد التحسن الذي شهدته فور قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة.

وأضاف: "التدخل الطارئ من البنك المركزي أمس برفع معدلات الفائدة ساهم في الحد من تدهور الليرة دون المستويات القياسية التي سجلتها أمس عند 4.92 ليرة للدولار الواحد".

وأشار إلى أن رفع معدل الفائدة شر لا بد منه لجأ إليه البنك المركزي اضطراريا على الرغم من أنه يخالف توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا ربما عزز نوعا ما من استقلالية البنك المركزي.

ولفت إلى أن جوهر المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد التركي الآن هو ما صرح به الرئيس أردوغان أمس بأنه لا يوجد اتفاق بين الطاقم الاقتصادي في تركيا على خطة معينة.

وأوضح أن الظهور الإعلامي المتكرر وشبه اليومي للرئيس أردوغان في مرحلة ما قبل الانتخابات، ربما تلتقط منه الأسواق بعض التصريحات ويتم تأويلها بطريقة أو بأخرى للتأثير على سعر صرف الليرة.

بدوره رأى أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم أشرف دوابة، إن البنك المركزي يستخدم سياسات نقدية قصيرة الأجل لحين الانتهاء من مرحلة عدم اليقين المرتبطة بفترة الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 حزيران/ يونيو المقبل، لافتا إلى أن أصل أزمة تدهور الليرة هي مضاربات حامية الوطيس لن تتوقف قبل الاستحقاق الانتخابي.

وأوضح دوابة أن رفع سعر الفائدة هو أحد وسائل البنك المركزي لمواجهة انخفاض قيمة العملة المحلية، ومن إيجابياته أنه يساهم في جذب السيولة المحلية من السوق إلى الجهاز المصرفي ومواجهة عملية الدولرة التي يلجأ إليها المواطنون كسلوك اقتصادي طبيعي للحفاظ على قيمة مدخراتهم من الانهيار.

وأضاف: "كما أن سعر الفائدة يستهدف جذب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار في أدوات الدين التركي، لكن هذا مستبعد في ظل حالة عدم اليقين التي تسبق موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة".

واستدرك بأن "من بين سلبيات رفع سعر الفائدة أنه يؤدي إلى انكماش اقتصادي ويؤثر سلبا على البورصة والاستثمار".

وتابع: "البنك المركزي يمتلك أكثر من وسيلة لمواجهة انخفاض قيمة العملة المحلية لكنه لا يستخدمها إلا بتنسيق مع الحكومة بما يضمن تحقيق السياسات والتوجهات العامة للدولة".

وأردف دوابة: "من هذه الوسائل تشديد الرقابة على حركة الأموال ووضع سقف لعمليات سحب العملات الأجنبية، وكذلك ضخ نقد أجنبي بسوق الصرف لإحداث توازن بين العرض والطلب، ولكن من سلبيات هذه الوسيلة استنزاف الاحتياطي النقدي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!