طولو غوموشتكين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

خلال السنوات الأخيرة، قيل وكُتب الكثير الكثير عن الاقتصاد التركي. وكان أهمّ ما قيل في هذا الصّدد أنّه في حال انهيار الاقتصاد التركي أو حدوث زعزعةٍ فيه، سيؤدّي ذلك إلى زعزعة عرش حزب العدالة والتنمية وبالتّالي يفارق سلطة البلاد التي ظلّ محافظاً عليها طيلة ثلاثة عشر عاماً.

وإنّ حالة الاستقرار المستمرة في الاقتصاد التركي منذ أكثر من عشرة سنوات، تُبيّن لنا كم أنّ هؤلاء الكُتّاب والمحلّلون ساذجون وبسطاء في تفكيرهم وتحليلاتهم فيما يخصّ مسألة الاقتصاد والاستقرار في تركيا.

فالاستقرار الاقتصادي في تركيا جاء نتيجة الإصلاحات التي استمرّت لعدّة سنين، وهي تتغذى بشكلٍ كبير من الاستقرار السياسي الذي حقّقه حزب العدالة والتنمية في البلاد.

وإنّ العامل الرّئيسي وراء هذا الاستقرار السياسي الذي تنعم به تركيا في هذه الفترة هو وجود شخصٍ مثل رجب طيب أردوغان، وذلك من خلال إدارته الحكيمة وانضباطه في العمل سواء عندما كان يشغل منصب رئاسة الوزراء أو في الفترة الحالية التي يعتلي فيها منصب رئاسة الجمهورية.

ومع استمرار الاستقرار السياسي وإجراء الانتخابات الدّيمقراطية الشّفّافة في البلاد، بالإضافة إلى إطلاق الحرّيات للشّعب، فإنّ طريق التّطوّر سيكون مُمهّداً لتطوّر الاقتصاد أكثر فأكثر.

خلال الأيام الأخيرة التي مضت، قام البنك المركزي بتخفيض سياسة الفائدة بنسبة خمسين نقطة، آخذاً بعين الاعتبار تضاؤل حجم العجز التّجاري الخارجي وتراجع ضغوطات التّضخّم في البلاد. حيث قابلت الأسواق الدّخلية هذا القرار بالامتنان.

ولا ننسى أنّ الرئيس أردوغان كان قد طلب من البنك المركزي إجراء مثل هذه الخطوة. وإنّ الارتياح الذي حدث في الأسواق المحلية بعد إعلان هذا القرار، يدلّ على صحّة وجهة نظر الرئيس أردوغان في هذا الصّدد.

بالمقابل فإنّ زوال فاعليّة أجهزة الدّولة في سوريا والمستقبل المجهول لأوكرانيا وما يحدث من صراعات في ليبيا واستياء العلاقات الاقتصادية والتّجارية مع مصر، أوهمت الجميع بأنّ الاقتصاد التركي والتّجارة الخارجية للدّولة التركية، ستتأثّر بشكلٍ سلبيّ ممّا يجري في محيطها الخارجي القريب منها.

ولقد عملت وسائل الإعلام المعادية للدّولة التركية في الدّاخل والخارج على نشر فكرة أنّ الاقتصاد التركي لا بُدّ له من أن ينهار أمام كلّ هذه المشاكل في البلاد، حيث رسّخت في أذهان قرّاءها أنّ مواجهة الاقتصاد التركي لكلّ هذه المصاعب والتّغلّب عليها، يُعدّ بمثابة المفاجئة الكبرى التي ندر حدوثها منذ مدّةٍ طويلة.

وبالفعل فإنّ استقرار الاقتصاد التركي وسط هذه الظّروف الصّعبة، كان بمثابة المفاجئة. لكنّ هذه المفاجئة كانت سيّئة بالنّسبة لبعض الأطراف المعادية لتركيا. فالدّولة التركية أصبحت المصدّر الرئيسي للاستقرار في هذه المنطقة.

فمن جهةٍ تقوم القيادة التركية بالاستمرار في العمل الدّيمقراطي داخل البلاد. ومن جهةٍ أخرى تعقد الاتّفاقيات التّجارية والاقتصادية مع كلٍ من إيران وروسيا، وذلك للحدّ من افتعال هاتين الدّولتين للأزمات السياسية في هذه المنطقة. فتركيا تقوم بردع هاتين الدّولتين عن إشعال فتيل الأزمات السياسية في المنطقة، من خلال عقد شراكات اقتصادية وتجارية قوية معهما.

والخلاصة: يمكننا القول إنّ الدّولة التركية بات بإمكانِها أن تجلب الاستقرار والسّلام إلى هذه المنطقة.

عن الكاتب

طولو غومشتكين

كاتبة في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس