ناغيهان ألتشي - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

إن  جريمة قتل جمال خاشقجي التي تشغل العالم بأسره تتضح تدريجيا من خلال موقف تركيا الحازم والدبلوماسي غير المتهاون. وبفضل جهود تركيا وحملتها اضطرت المملكة العربية السعودية إلى اعتراف بجريمة القتل التي ستسجل في التاريخ، وستكون موضوعا لكتب وأفلام لما تشمله من سمات. على أنه ما تزال هناك أسئلة كثيرة دون إجابة: من خطط للقتل؟ ولماذا؟ وما هو الدافع؟

بات معروفا أن فرقة اغتيال من المملكة العربية السعودية قتلت جمال خاشقجي، ولما يعثر على الجثة، وإن كنت أعتقد أنه سيقدم قريبا تفسير لهذه القضية. لكن الواضح أن خاشقجي كان ضحية الصراع على السلطة داخل الأسرة السعودية.

علينا أن ننتبه إلى أن خاشقجي لم يكن صحفيا فحسب، بل كان أيضا واحدا من الشخصيات المهمة في الفترة التي سبقت تولي ولي العهد محمد بن سلمان، ومرتبطا بالمؤسسة الحاكمة. كما كان أحد مساعدي فيصل بن تركي، رئيس المخابرات السابق وأحد أهم الشخصيات في العائلة المالكة، والذي يمكن وصفه بأنه "جي إدغار هوفر" المملكة العربية السعودية. ومن المعروف أن فيصل بن تركي وولي العهد ليسا على وفاق.

ويدل هذا على أن جريمة القتل لم تكن لترتكب بدون أمر من ولي العهد أو بدون معرفته، وإن كانت بعض الدوائر، بما في ذلك وسائل الإعلام الغربية، تزعم أن القتل كان مؤامرة على محمد بن سلمان. ووفقا لهذا الزعم، سيلقى بالمسؤولية عن جريمة القتل على ولي العهد الذي سيفقد السلطة، ويستبدل بأحد منافسيه في العائلة المالكة.

على أنه من أجل تأييد هذا السيناريو، يجب على ولي العهد أن يكشف الدليل عمن أمر القنصل السعودي في إسطنبول، وما هي الأوامر والضمانات التي أعطيت، ومن أرسل فرقة الاغتيال إلى تركيا. وحيث إن هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون التصرف بمفردهم دون المخاطرة بحياتهم، يجب أن يكون هناك دعم قوي للغاية من وراءهم. ولا يوجد من يملك مثل هذه القوة باستثناء الملك سلمان، ولكن هذا بالطبع ليس ممكنا بالنظر إلى وجهات النظر والموقف السابق من خاشقجي.

وباختصار تشير جميع الدلائل إلى مسؤولية محمد بن سلمان. لكن، ويا للأسف، من غير المرجح أن تتغير الموازين كثيرا في المملكة العربية السعودية التي لن تتضرر جراء جريمة القتل. وقد أظهرت القمة الاقتصادية في الرياض أن المال والسلطة هما فقط صاحبا الكلمة الأخيرة في العالم، حيث يركز الجميع على تداعيات بيع شركة أرامكو.

من ناحية أخرى، أُجبر نجل خاشقجي على مصافحة قتلة والده، في صورة مؤسفة عرضت على شاشات العالم. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب أصدرت عدة تصريحات ظاهرية، فإن ترامب يكشف بوضوح أنه لا يوجد شيء أكثر أهمية بالنسبة إليه من المال القادم من المملكة العربية السعودية.

وخلاصة القول إنه على الرغم من أن تركيا تبذل قصارى جهدها لحل جريمة قتل خاشقجي، فإن العالم أبعد ما يكون عن تذكير مرتكبي جريمة القتل والدعوة إلى محاسبتهم.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس