إسماعيل ياشا - العرب القطرية

دخلت العلاقات التركية الأميركية مرحلة جديدة مع الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان خلال زيارة الوفد الأميركي برئاسة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للعاصمة التركية أنقرة، بعد أن تدهورت في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق بسبب الخلافات العميقة في عدد من الملفات، كملف صواريخ أس-400 الروسية، وطائرات أف-35، ودعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى احتضانها لزعيم الكيان الموازي فتح الله جولن.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدّد تركيا بتدمير اقتصادها، إلا أنه سرعان ما تراجع بعد الاتفاق، ليكيل الثناء لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، ووصفه بـ «زعيم فذّ»، وأضاف قائلاً: «أردوغان رجل قوي وقد فعل الشيء الصحيح وأنا أقدّر ذلك، وسأظل أقدّره في المستقبل»، وبعد الاتفاق التركي الروسي الذي توصلت إليه تركيا وروسيا في نهاية مباحثات طويلة جرت في سوتشي، أعلن ترمب رفع العقوبات المفروضة على تركيا، وعدم فرض عقوبات جديدة عليها بعد انتهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في سوريا.

أردوغان سيزور العاصمة الأميركية في 13 نوفمبر المقبل استجابة لدعوة ترمب، ومن المتوقع أن تسهم هذه الزيارة في تحسين العلاقات التركية الأميركية، ومن الملفات التي ستكون على طاولة المباحثات خلال زيارة أردوغان لواشنطن، ملف شراء تركيا لصواريخ باتريوت الأميركية، وملف مشاركة تركيا في برنامج إنتاج طائرات أف-35، وقد تؤدي الزيارة إلى تجاوز الخلافات في هذين الملفين. تركيا كانت ترغب في شراء صواريخ باتريوت الأميركية، إلا أن إدارة أوباما رفضت طلب أنقرة، ما دفع القيادة التركية إلى البحث عن بدائل لتعزيز دفاعات بلادها الجوية، وشراء منظومة أس-400 الصاروخية من روسيا، وأظهر الرئيس الأميركي تفهمه لشراء أنقرة تلك المنظومة الروسية، وقال في تصريحاته قبيل اجتماعه مع نظيره التركي على هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في نهاية يونيو الماضي بمدينة أوساكا اليابانية، إن تركيا لم تلقَ معاملة عادلة من إدارة أوباما عندما طلبت شراء منظومة باتريوت الصاروخية الأميركية، كما أن تركيا أعلنت استعدادها لشراء المنظومة الأميركية إلى جانب شرائها المنظومة الروسية.

زيارة أردوغان للعاصمة الأميركية قد تعيد تركيا إلى برنامج إنتاج مقاتلات أف-35، في ظل الحديث عن عرض جديد قدمته واشنطن إلى أنقرة، ومن المتوقع أن تأتي هذه الخطوة ضمن باقة من الاتفاقيات يتم التوقيع عليها خلال زيارة رئيس الجمهورية التركي لواشنطن، لتشتري تركيا بموجبها منظومة باتريوت الأميركية، ويرفع البلدان حجم التبادل التجاري بينهما إلى 100 مليار دولار. المتابع لتصريحات المسؤولين الأميركيين يلاحظ التغيير في لهجتهم تجاه تركيا، بعد الاتفاق التركي الأميركي، وكأنهم اكتشفوا فجأة أن تركيا حليف للولايات المتحدة، وعضو في حلف شمال الأطلسي، بعد أن تجاهلوا هذه الحقيقة لمدة أشهر وسنوات قاموا فيها بدعم منظمة إرهابية تهدد أمن تركيا واستقرارها ووحدة ترابها، إلا أن هذا التغيير لا يعني أن العلاقات التركية الأميركية ستكون على ما يرام في المرحلة المقبلة، لأن هناك خلافات أخرى وقضايا عالقة ما زالت تعكر صفو العلاقات بين البلدين، على الرغم من بوادر التحسن التي ظهرت بعد الاتفاق الأخير.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس