ترك برس

مع اندلاع الأزمة مجدداً بين روسيا وأوكرانيا في دونباس، خلال الأشهر الأخيرة، دخلت تركيا على الخط عبر اتصالاتها مع موسكو، وشراكتها العسكرية مع كييف، فيما برزت إلى الواجهة أيضاً مسيرات "بيرقدار" والتي سخرتها أنقرة لخدمة مصالحها، عبر خلق توازن وصف بـ "الصعب" في منطقة البحر الأسود.

وترتبط تركيا بعلاقات تعاون عسكري وأمني وتجاري مع أوكرانيا من جهة وروسيا من جهة أخرى، لكن في ظل تصاعد التوتر بين موسكو وكييف المدعومة أميركيا.

وتولي أوكرانيا أهمية كبيرة للتعاون مع تركيا في الصناعات الدفاعية، إذ تعتبرها الشريك الأهم لها في هذا المجال، وتعول عليها في عملية انتقال كييف من نظام الجيش السوفياتي السابق إلى معايير تتيح لها الانضمام لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وفي ختام محادثاته مع نظيره الأوكراني فلودومير زيلينسكي، قبل أشهر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التعاون العسكري بين أنقرة وكييف غير موجه ضد دول ثالثة.

كما كشفت شركة "بايكار" التركية المتخصصة في تقنيات الطائرات المسيرة أن أوكرانيا اشترت عددا من طائرات بيرقدار التركية المسيرة، التي أثبتت فعاليتها.

وتشهد منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا توترا أمنيا على خط التماس بين القوات الأوكرانية ومقاتلي جمهوريتي "دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" (غير المعترف بهما) والمدعومتين من روسيا، الذين أعلنوا استقلالهم عام 2014، مما أدى إلى مقتل أكثر من 13 ألفا حتى الآن.

وبعد يوم من لقائه الرئيس الأوكراني بإسطنبول، قال الرئيس أردوغان إنه يسعى لحل الخلاف الروسي الأوكراني بالمفاوضات، وإن بلاده تبذل جهودا من أجل حل الخلافات بين روسيا وأوكرانيا عبر المفاوضات والسلام

وفي السياق، يذكر الباحث الإستراتيجي في مركز سيتا للدراسات محمد كوتشاك، أن المصالح المتضاربة بين تركيا وروسيا في منطقة شرق الأوسط والبحر الأسود وجنوب القوقاز تشكل الجانب الهش للعلاقات بين البلدين، إضافة إلى أن تركيا جزء من حلف الناتو، الذي شُكِّل لوقف الاتحاد السوفياتي، وقد أعادت التطورات الحديثة في أوكرانيا اكتشاف أبعاد العلاقات بين أنقرة وموسكو من جديد، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

ويستبعد كوتشاك، أن تشكل السياسة التي تتبعها تركيا في التوترات التي تعيشها روسيا مع أوكرانيا والولايات المتحدة تحدّيا للكرملين، مبينا أن "تحول هذه التوترات إلى مسألة ذات أبعاد عالمية، يحول دون ارتفاع صوت تركيا ضد روسيا فيما يتعلق بأوكرانيا".

ويقول الخبير الإستراتيجي التركي "رغم أن الصراع الحالي الذي تقوده روسيا في أوكرانيا يشكل تحديا واضحا لإدارة بايدن، التي أعلنت عداءها لبوتين وتوعدت بدعم أوكرانيا، فإن هذا الصراع قد يكون فخا أميركيا لضرب الشراكة الروسية التركية المتحالفة في ملفات إقليمية ودولية عديدة، أو من الممكن أن يكون مكسبا لأنقرة التي تمتلك أوراقا عرقية واقتصادية وعسكرية كبيرة في أوكرانيا في وجه شريكتها روسيا".

ويلفت كوتشاك إلى أن "ما يؤرق موسكو هو دعم أنقرة لأوكرانيا بالطائرات المسيرة التركية بيرقدار التي تشكل الورقة التركية الأقوى في وجه روسيا، خاصة مع تفوق تلك الطائرات في معارك سابقة، وهو أمر سيشكل ضررا لروسيا وسلاحها، لا سيما مع الدعم الأميركي والأوروبي لأوكرانيا ضد الغزو الروسي المحتمل".

ويؤكد أن تركيا لن تغامر في دعم مطلق لحليفتها أوكرانيا والولايات المتحدة ضد روسيا التي تربطها معها علاقات تجارية كبيرة واتفاقيات سياسية وأمنية وعسكرية متينة

من جهته، يقول الكاتب التركي طه داغلي إن أوكرانيا التي شاهدت نجاعة المسيرات التركية ضد الأسلحة الروسية في سوريا وليبيا وقره باغ، وخاصة ضد الأنظمة الدفاعية، تخطط لاستخدامها في استعادة أراضيها في ظل استعدادها للقيام بعمل عسكري لاستعادة منطقة دونباس.

ويضيف داغلي "الملف الأوكراني يشكل ورقة ضغط لتركيا على حليفتها روسيا لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى وأبرزها الملف السوري وتحديدا في إدلب، خاصة أن أنقرة تعلن بشكل دائم رفضها للتدخل الروسي في أوكرانيا وترفض أيضا الاعتراف بجزيرة القرم التي ضمتها موسكو باستفتاء أحادي عام 2014".

ونقلت وسائل إعلام تركية عن نائب رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات الأوكرانية، قوله إن المسيرات التركية من طراز بيرقدار التي اقتنتها بلاده قامت بطلعات استطلاعية فوق منطقة دونباس، لافتا إلى أنها نجحت في تحديد مواقع أنظمة دفاع جوي روسية من طراز تور وبانتسير.

وأوضحت تقارير تركية أن المساهمة التي قدمتها تركيا لأذربيجان في معارك تحرير قره باغ، خلقت في أوكرانيا حديثا عن إمكانية تطبيق سيناريو مماثل لاستعادة أراضي إقليم دونباس الخارجة عن السيطرة، ولو جزئيا.

وفي 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقعت وزارتا الدفاع في البلدين اتفاقية لتبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا وصناعة السفن الحربية والطائرات الحربية المسيرة.

ووقع وزير الدفاع الأوكراني أندري تاران، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع نظيره التركي خلوصي أكار، "اتفاقية الإطار العسكري"، كما وقع مع رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، اتفاق حسن نوايا في إطار مشاريع الصناعات الدفاعية.

والعام الماضي، اشترت أوكرانيا عددا من الطائرات المسيرة التركية، المعروفة باسم "بيرقدار تي بي"، إضافة إلى مجموعة من أنظمة التحكم الأرضية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!