عبد العليم الكاطع - خاص ترك برس

سقطت يوم الاثنين حكومة الاشتراكيين في السويد بعد أن صوت البرلمان السويدي في أول مرة في تاريخ السويد على حجب الثقة عن رئيس الحكومة ستيفان لوفين. كما تحالف لأول مرة الحزب اليميني المتطرف (الحزب الديمقراطي السويدي) مع الحزب اليساري الثوري (حزب اليسار) لإسقاط حكومة الاشتراكيين.

الأزمة والخلاف السياسي، كان تراكمياً حول ملفات عديدة منها الهجرة والعمل والتعليم والصحة وجاء آخرها الذي قسم ظهر الحكومة وهو مقترح تحرير أسعار إيجار الشقق في السويد.

هذا المقترح هو الفقرة رقم 44 من اتفاقية يناير لعام 2019 بين حكومة ستيفان لوفين وحزب الوسط والليبراليين. حيث يُشير هذا البند الى تحرير أسعار الإيجارات لجميع أنواع السكن الحديث في السويد وجعلها خاضعة لسوق العرض والطلب، والذي يجعل بدوره من يملك المال يستطيع التأجير فوراً ، ويجعل متوسطي الدخل غير قادرين على السكن إلا في الأرياف والضواحي والمساكن والشقق القديمة. لأن أسعار إيجار الشقق لن تتتناسب مع متوسطي الدخل.

حيث أمهل حزب اليسار بقيادة نوشي دادغوستار - ذات الأصول الإيرانية - الحكومة 48 ساعة للتراجع عن مقترح تحرير أسعار إيجار الشقق التي ستُبنى بعد 1 يوليو/تموز عام 2022. لكن المهلة انتهت ولم تستجب الحكومة. قام على إثرها حزب اليسار بتشكيل تحالف طارئ للتصويت على اسقاط الحكومة ضم هذا التحالف كل من حزب المحافظين والمسحي الديمقراطي واليسار والديمقراطي السويدي ( اليميني المتطرف )

وجرى التصويت في جلسة تاريخة في البرلمان السويدي يوم الاثنين 21 يونيو/حزيران 2021 وأسقطت الحكومة بأغلبية 181 عضو من أصل 349 عضو برلماني. حيث صوت الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الحاكم) وحليفة حزب البيئة بلا وامتنع حزبا الوسط والليبرالين عن التصويت.

أمام رئيس الحكومة ستيفان لوفين الآن سبعة أيام فقط لاتخاذ قرار من الخيارات الدستورية المتاحة، وهي تقديم الاستقالة أو الدعوة لانتخابات مبكرة أو تشكيل دكومة تصريف أعمال بقيادته، وهذا يحتاج إلى تصويت أغلبية برلمانية 175 عضو.

مَن يتابع سياسة حزب الاشتراكي منذ 2014 حتى اليوم يلاحظ أنه تغيّر بشكل واضح وتنازل عن كثير من مبادئه مقابل تشكيل الحكومة وإرضاءً للأحزاب الأخرى، وبتصوري أنه وحده المسؤول عن الأزمة السياسية في السويد اليوم.

الحزب الاشتراكي، الحزب الأكثر شعبية لدى المهاجرين، وعدد كبيرمنهم منتسبين لهذا الحزب.

هذا التأييد والتعاطف بسبب سياسات الحزب السابقة الداعمة لملفات الهجرة وحقوق المهاجرين، وكذلك لأن أكبر حملة استقبال للاجئين في السويد حصلت في عام 2015 وكان الحزب الاشتراكي هو الذي يقود الحكومة أن ذاك. حيث يعتقد الكثير من المهاجرين أن الحزب الاشتراكي هو طوق نجاتهم الوحيد وأنه الحزب الوحيد الذي يدعمهم ويدافع عن حقوقهم ولكن في الواقع هناك عدد من الأحزاب التي تدعم وتدافع عن المهاجرين مثل حزب الوسط واليسار ولكن بعد ازدياد المد العنصري وتنامي التيار اليميني اضطرت هذه الأحزاب ومنها الحزب الاشتراكي لتقديم العديد من التنازلات لإرضاء الشارع وإرضاء الأحزاب اليمنية.

ومن وجهة نظري تعتبر هذه من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المهاجرين في الحياة السياسية في بلاد الهجرة، حيث أنهم يدعمون الحزب الذي يتماشى مع مصالحهم ويتركون مساحتهم  فارغة في باقي الأحزاب. ليكون سقطوهم بسقوط هذا الحزب ونجاتهم بنجاة هذا الحزب.

وباعتقادي لو أن المهاجرين توزعوا بين الأحزاب لاستطاعوا فرض وجهات نظرهم بعدة طرق ومن عدة زوايا، ولاستطاعوا تحقيق فائدة أكبر لمصلحتهم ومصلحة البلاد.

واليوم بعد أن فقد الشارع ثقته في الحزب الاشتراكي، وكَون أن الأحزاب الأخرى كحزب الوسط والليبرالي والمسيحي الديمقراطي لا يتمتعون بشعبية كافية تمكنهم من الحصول على الأغلبية وتشكيل حكومة. لم يعد أمام السويديين إلا انتخاب حزب المحافظين الذي تغيير بدوره أيضاً بتجاه اليمين المتطرف، ويمتلك فرص كبيرة للفوز بالانتخابات مع حليفه الحزب اليميني المتطرف.

وفي هذه الحالة نحن بانتظار إدارة يمينية بامتياز تضاهي إدارة ترامب أو ربما تفوقها قليلاً وكل هذا في مملكة السويد التي تعتبر البوابة الأولى والحاضنة الأوسع للأجانب والمهاجرين. ما ستشهده السويد في قابل الأيام لا يمكن التكهن به ولا يمكن توقعه وفي حال جرت انتخابات مبكرة ستكون هناك سيناريوهات عديده واحتمالات مفتوحة للتحالفات بين الأحزاب.

هذه الازمة السياسية هي الأقوى في تاريخ السويد والتي كان أحد أهم أركانها هي أزمة الهجرة التي بدأت في عام 2012 وكانت ذروتها في عام 2015 

وهذا الذي أُحب أن أشبهه دائماً بتأثير الفراشة "أن تحريك جناح الفراشة في الصين سيتسبب بحدوث إعصار مدمر في أمريكا" حيث أن حدثاً حدث في سوريا في الشرق الاوسط، أثر ويؤثر بشكل كبير على الحياة في جميع أنحاء العالم.

عن الكاتب

عبد العليم الكاطع

مهندس عمارة، مهتم بالفكر وقضايا الشباب، مقيم في السويد.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس