ترك برس

أشار تقرير في موقع "الجزيرة نت"، إلى أن مستثمري التكنولوجيا في العالم أنفقوا مليارات الدولارات على الشركات التركية الناشئة خلال العام الماضي.

وتتطلع تركيا لأن تصبح عاصمة لصناعة التكنولوجيا في القارة الأوروبية كلها، ولا تسعى تركيا -بحسب مصطفى فارانك وزير الصناعة والتجارة- أن تكون مجرد سوق فقط، "بل تسعى لأن تصبح مطورا لجيل جديد من التكنولوجيا الحديثة".

وأضاف فارانك في مؤتمر افتراضي عقدته جمعية الصناعة والأعمال التركية "توسياد" (TÜSIAD) "هدفنا واضح: أن نكون إحدى الدول الرائدة في الثورة الصناعية الرابعة كمطور، وليس مجرد سوق مستهلك لتقنيات الجيل التالي". وفقا لما ذكرته منصة "ديلي صباح" (dailysabah) في تقرير لها مؤخرا.

وأشار فارانك إلى أن القطاع الخاص التركي قام أيضا بتسريع التحول نحو الرقمنة أثناء وبعد جائحة كورونا، قائلاً إنه نتيجة لذلك، توسع قطاع التجارة الإلكترونية في تركيا إلى مستويات غير مسبوقة.

وأوضح أن وزارته تضع آليات دعم وتحفيز للشركات للتغلب على المشاكل التي تواجهها في التحول الرقمي، مؤكدا "أننا نضع التحول الرقمي باعتباره المحور الرئيسي لإستراتيجيتنا".

وبحسب "الجزيرة نت"، أنفق مستثمرو التكنولوجيا في العالم مليارات الدولارات على الشركات التركية الناشئة خلال العام الماضي، وتقدر على سبيل المثال قيمة شركة "جيتير" (Getir) الناشئة الآن بأكثر من 7.5 مليارات دولار. وهذه الشركة هي صاحبة فكرة إيصال البقالة إلى المنازل خلال 10 دقائق فقط، أطلقتها في أبريل/نيسان الماضي.

وقال مؤسس الشركة ناظم سالور إن الأموال تنهال على الشركات الناشئة التركية الآن، ولكن الحال لم يكن كذلك عام 2018 حيث لم يرد أصحاب رؤوس الأموال على مكالماتنا في ذلك الوقت، وذلك كما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) في تقرير لها مؤخرا.

وأضاف سالور "لم يكن لدينا الأموال اللازمة حينها، وهو ما أخر طموحاتنا ومشاريعنا للتوسع خارج البلاد لمدة 3 سنوات تقريبا، ولكننا لم نستسلم، فقد أردنا النجاح بشدة، وهو ما حدث في النهاية".

وتعد الأرباح الكبيرة التي حققتها جيتير خلال السنة الماضية، وارتفاع قيمتها السوقية جزءا من التحول الكبير في صناعة التكنولوجيا في البلاد، حيث سجلت شركات التكنولوجيا التركية بما في ذلك منصات التجارة الإلكترونية مثل "تريندول" (Trendyol) و"هيبسوبرادا" (Hepsiburada)، وشركات تطوير الألعاب مثل "بيك غيمز" (PeakGames) و"دريم غيمز" (DreamGames) أكثر من مليار دولار في تقييمات السوق، وهو الأمر الذي يعتبر نجاحا كبيرا لهذا الشركات الناشئة في الأسواق العالمية.

من جهته، قال هانزاد دوجان، مؤسس شركة هيبسوبرادا لفايننشال تايمز "إن سوق التجارة الإلكترونية في تركيا تشهد نقطة تحول كبرى، حيث تبلغ قيمتها حاليا 4.4 مليارات دولار بعد الطرح العام الأولي في بورصة ناسداك الشهر الماضي".

ويعتبر المراقبون شركة هيبسوبرادا التي تأسست عام 2000 أنها أمازون التركية حاليا.

وتشير التقديرات إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في تركيا قد ارتفع من 3.5% قبل 3 سنوات إلى حوالي 10% اليوم. وهذا يرجع بشكل رئيسي إلى تأثير جائحة كورونا على تجارة التجزئة عبر الإنترنت في البلاد.

وقال ميليس كاهيا أكار المدير العام لشركة جنرال أتلانتك الذي أشرف على مباحثات تمويل شركة تريندول من قبل "بنك سوفت" (SoftBank) بمبلغ وصل إلى 1.5 مليار دولار "لقد أحدثت الجائحة تغيرا حاسما على السوق، وكل شيء جاهز الآن لكي تبدأ الشركات التركية بالتفكير بشكل عالمي".

وفي الحقيقة، ونظرا لحجم الاستثمارات الضخمة التي تضخ في السوق، فقد أصبحت إسطنبول الآن تقف جنبا إلى جنب مع عواصم التكنولوجيا الأخرى في أوروبا مثل لندن وباريس وبرلين، هي نجمة جديدة بدأت تسطع في سماء أوروبا، ويتوقع أن تتوهج كثيرا في السنوات القليلة القادمة.

وبدأ الاستثمار في قطاع التكنولوجيا التركي قبل 10 سنوات، ولكنه تسارع كثيرا خلال وبعد جائحة كورونا. وعلى سبيل المثال تبلغ قيمة شركة تردينول السوقية حاليا 16.5 مليار دولار، وقد بدأت كبائع تجزئة للأزياء عبر الإنترنت في عام 2010، وتوسعت منذ ذلك الحين لتدخل في مجالات أخرى مثل توصيل الطعام الذي تزامن مع إطلاقها فكرة المحافظ الرقمية.

وازدهر تجار التجزئة الأتراك عبر الإنترنت مع الزمن، ويرجع ذلك في جزء منه إلى غياب اللاعبين الكبار عن السوق مثل أمازون (Amazon) و"إي باي" (eBay)  الذين لم يستطيعوا التوسع في البلاد لأسباب مختلفة، ليس أقلها التقلبات الجيوسياسية في المنطقة، بما فيها محاولة الانقلاب على السلطة الشرعية في تركيا عام 2016، وهو ما جعل شركات التكنولوجيا الكبرى تتردد في دخول السوق، ونتيجة لذلك، ازدهرت الشركات المحلية ونمت بشكل كبير بما يكفي لجذب الانتباه الدولي مؤخرا، وبداية تدفق الاستثمارات العالمية على شركات التكنولوجيا التركية الناشئة، كما ذكرت الفايننشال تايمز في تقريرها.

وذكر التقرير أن هناك إقبالا شديدا الآن من قبل الخبراء والتقنيين والمهندسين والمديرين التنفيذيين في البلاد للعمل في واحدة من شركتين واعدتين، وهما شركة "روكت إنترنت" (Rocket Internet) وهي حاضنة أعمال ألمانية تم إطلاقها في تركيا عام 2011 ثم انسحبت فجأة من السوق، وعادت للعمل مؤخرا.

وكذلك شركة "بيك غيمز" (Peak Games) وهي شركة تطوير ألعاب إلكترونية تأسست عام 2010، واستحوذت عليها شركة "زينغا" (Zynga) في العام الماضي بصفقة بلغت 1.8 مليار دولار.

وقد تحولت هاتان الشركتان إلى ما يشبه "جامعة" للخبراء والمهندسين، وكل من يعمل بواحدة منهما فترة من الوقت تتهافت عليه شركات التكنولوجيا الأوروبية لتوظيفه بمبالغ خيالية.

وقال أكيمبا بيجيت، وهو أحد خريجي هاتين الشركتين ثم أسس شركة ألعاب إلكترونية خاصة به في العاصمة البريطانية لندن، إن النجاح الكبير الذي حققته "بيك غيمز" قد غير كل شيء بالنسبة للشركات الناشئة التركية، حيث قامت الشركة بتطوير ألعاب إلكترونية انتشرت بشكل واسع في مختلف أرجاء العالم، ومنذ تلك اللحظة أخذت الشركات التركية في التفكير بالانتشار في الأسواق العالمية، بعد أن كانت منغلقة على السوق المحلية، لكن نجاح بيك غيمز فتح أعينها على إمكانيات الربح الكبيرة التي يمكن تحقيقها في الأسواق العالمية.

ومنذ أول صفقة لها في عام 2017، استثمرت شركة زينغا، التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة سان فرانسيسكو، أكثر من 2.3 مليار دولار في 4 عمليات استحواذ كبرى لشركات تعمل في تركيا، بما فيها شركة ألعاب "هايبر كاجوال" (Hyper casual).

وقال برنارد كيم، المدير التنفيذي للشركة إن "شركة زينغا كانت جسرا للشركات الأجنبية كي تأتي وتستثمر في البلاد"، وأضاف أنه "معجب بالبيئة التنافسية الكبيرة في سوق واعدة جدا مثل التي تملكها تركيا".

خريج آخر من شركتي روكيت إنترنت وبيك غيمز هو سونير أيديمار الذي ساهم في تأسيس شركة "دريم غيمز" في عام 2019، وهي الشركة التي صممت وأطلقت لعبة "بازل رويال ماتش" (Puzzle Royal Match) في يونيو/حزيران الماضي، وقد أصبحت قيمة الشركة الآن أكثر من مليار دولار في فترة قياسية.

وقال أيديمار "كان من السهل حقا جمع الأموال اللازمة من المستثمرين، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى السجل الناصع الذي يملكه فريق العمل، وهو الفريق الذي اخترع "لعبة بيك" التي لاقت انتشارا عالميا فور إطلاقها.. الجميع يريد الاستثمار بنا الآن".

ويوجد في تركيا حاليا مطورو ألعاب محترفون ومن الطراز العالمي، والجميع يريد دفع الأموال لهم، والمستقبل مليء بإمكانيات لا تحصى للتطور والازدهار في بلد يسعى للريادة في ميدان صناعة التكنولوجيا الحديثة في العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!