ترك برس

شيعت تركيا، أمس الثلاثاء، أوزدمير بيرقدار، المهندس الذي وضع بصمته في تاريخ تركيا، من خلال الطائرات المسيرة التي حملت كنيته وحلقت في أجواء تركيا العديد من بلدان العالم.

أوزدمير بيرقدار الذي توفي، الاثنين، عن عمر ناهز الـ72 عاماً، انطلقت جنازته من داخل المصنع الذي أفنى 15 عاماً من حياته بين جدرانه، والذي كان شاهداً على النجاحات والمشاريع التي كرّس حياته وجهده من أجلها.

وإلى جانب المواطنين والسياسيين والوزراء وقادة الأحزاب السياسية، شارك قادة الجيش وضباطه تعازيهم مع عائلة الفقيد والأمة التركية.

وفي رسالة التعزية التي نشرها على حسابه الرسمي على موقع تويتر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن "أوزدمير بيرقدار يُعتبر عرّاب صناعة المُسيّرات التركية المحلية، والذي قاد حركة التكنولوجيا الوطنية بأحلامه وجهوده وكفاحه، وقدّم الخدمات الفريدة للأمة التركية التي لن تنسى ذلك أبداً."

** ولادته ونشأته

وُلد أوزدمير عام 1949 في قرية "غاريبتشه" التي تُعدّ مركزاً لصيادي السمك في منطقة "ساريير" في مدينة إسطنبول، وترجع أصول عائلته إلى منطقة "سورميني" بمقاطعة طرابزون على ساحل البحر الأسود شمالي تركيا، فيما كان والده لطفي ريس يعمل في مهنة صيد الأسماك.

وعلى الرغم من ظروفهم المادية المتواضعة، إلا أنّ بيرقدار الطفل تفوّق في دراسته المدرسية، وتمكّن بعد تخرّجه من مدرسة "قاباطاش" الثانوية من الالتحاق بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة إسطنبول التقنية في عام 1967، وتخرج بدرجة تفوق في عام 1972، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."

وفي أعقاب تخرجه، عمل بيرقدار الشاب لمدة عامين كمساعد باحث لرئيس الاتحاد الدولي للسيارات البروفيسور إسماعيل حقي أوز، الذي كان صديق وزميل رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان.

وخلال دراسته لدرجة الماجستير متخصّصاً في حقل محرّكات الاحتراق الداخلي، شارك بيرقدار ضمن فريق البروفيسور أوز الذي كان يعمل على تطوير محرّك تركي محلي في إطار المشروع الذي أطلقه أربكان عام 1960، وسمّاه "المحرك الفضي"، والذي استُخدم في صناعة سيارة "ديفريم" التركية عام 1961، التي صُنعت في أعقاب الانقلاب العسكري عام 1960.

وكان أوزدمير بيرقدار أحد المقربين من الزعيم الراحل نجم الدين أربكان مؤسس حركة "الملي غورش"، وأحد زملائه في العمل ضمن المشاريع الصناعية التي كنت ترمي للنهوض بالصناعة التركية.

بعد حصوله على درجة الماجستير، عمل أوزدمير بيرقدار مديراً فنياً في القطاع الصناعي بتركيا، فأسهم في تأسيس عدد من المشاريع والمصانع الجديدة، من بينها "أوزل"، و"بردر تراكتور"، و"إسطنبول سيغمان" وغيرها، والتي ما زالت تلعب دوراً رائداً في القطاع الصناعي التركي لغاية يومنا الحالي.

** حياته المهنية وبدايات مشروع "حركة التكنولوجيا الوطنية"

وفي عام 1984 أسّس بيرقدار شركة "بيكار" بُغية المساهمة في جهود بلاده لتوطين الصناعات المحلية بغرض المساهمة في الاستقلال التكنولوجي لتركيا. وبدأ مشروعه بآلة حفر واحدة، ثم أخذ في ابتكار مجموعة من تقنيّات التصنيع والتصميم.

تزوّج بيرقدار من جانان بيرقدار التي تخرّجت في كلية الاقتصاد بجامعة إسطنبول، ثم عملت مبرمجةً في بنك التنمية الصناعية بتركيا، ورُزِق الزوجان ثلاثة أبناء، هم خلوق وأحمد، بالإضافة لصهر الرئيس التركي سلجوق بيرقدار، المدير التقني لشركة "بايكار".

زرع بيرقدار الأب بذور مُسيّرات "بيرقدار " و"بيرقدار أكينجي" منذ قرابة 20 عاماً، وذلك عندما صممت شركته وصنعت أول مركبة جوية بدون طيار محلية ووطنية تحت اسم "بيرقدار ميني" لصالح القوات المسلحة التركية، والتي طورها خلال عمله مع الجيش التركي جنوب شرق البلاد بين عامي 2005 و2009.

فتحت تصميمات بيرقدار ونماذجه الأولية فضلاً عن عمليات البحث والتطوير التي نفذتها شركته، الباب واسعاً أمام تطوير وإنتاج مُسيّرات تركية حديثة ومتطورة، وصلت نسبة المساهمة المحلية فيها لأكثر من 93%، وجعلت تركيا رائدة في مجال صناعة واستخدام وبيع المُسيّرات المسلحة على مستوى العالم.

وحصل بيرقدار عام 2021 على وسام "قره باغ" من رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف لمساهمته بتحرير قره باغ الأذربيجاني من احتلال أرمينيا بمُسيّرات "بيرقدار TB2" التي طُوِرت محليّاً بواسطة "بيكار".

يُذكر أن طائرات شركة "بايكار" التركية، تحلق حالياً في أجواء كل من قطر، وأذربيجان، وسوريا، وليبيا، وأوكرانيا وبولندا، فضلاً عن تركيا، ولعبت دوراً هاماً في المعارك الأخيرة بكل من ليبيا وإقليم "قره باغ."

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!