ترك برس

شهدت الفترة الأخيرة في تركيا، ارتفاعاً في معدلات التضخم، يرافقها تدهوراً في سعر صرف العملة المحلية، وذلك بالرغم من أرقام النمو القياسية في الاقتصاد والصادرات.

وفي رصد لأسباب ارتفاع التضخم في ظل الأرقام الإيجابية بالاقتصاد، يبرز وجود عوامل سياسية تساهم في ارتفاع هذه المعدلات أيضاً، إلى جانب المضاربة الإقليمية.

وبحسب بيانات البنك المركزي التركي، بلغ معدل التضخم في سبتمبر/أيلول 2021، نسبة 19.85%، وهو معدل مرتفع بلا شك، وتستهدف الحكومة خفضه إلى قرابة 16% بنهاية 2021.

وأشار تقرير لـ "الجزيرة نت" إلى أن تحليل الواقع الاقتصادي يكشف أن التضخم في تركيا يأتي من جانبي العرض والطلب معا، بمعنى أن سعر الفائدة مرتفع، حتى بعد خفضه إلى 18% في سبتمبر/أيلول الماضي، فارتفاع سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والخدمات، وبخاصة إذا ما كان الاقتصادي يعتمد على الائتمان المصرفي بشكل كبير.

ومن جانب آخر، فإن انخفاض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية لها، وبالتالي يزيد التضخم من جانب الطلب، ومما يخشى منه خلال الفترة القادمة في ظل اتجاه أسعار النفط للارتفاع أن يزيد ذلك من استمرار معدل التضخم مرتفعا لفترة طويلة، ما لم تسع الحكومة للقضاء على الأسباب الأخرى للتضخم، ولعل سياسة تخفيض أسعار الفائدة تكون أحد الأدوات، ولكنها في حالة تركيا تحتاج إلى تدرج، والأخذ بالحسبان فترة زمنية لا تحدث حالة من القلق لدى المدخرين، وحائزي العملات الأجنبية.

انخفاض الليرة وتبعاته على التضخم

تعاني الليرة التركية منذ عام 2014 من انخفاض مستمر في قيمتها، ويرجع ذلك إلى مجموعة من الاعتبارات السياسية والاقتصادية، وكان في مقدمتها الأوضاع الإقليمية التي دفعت الحكومة التركية لوجود قوات عسكرية في كل من العراق وسوريا لقضايا تتعلق بالأمن القومي التركي، والحفاظ على مقدرات سيادة الدولة.

إضافة إلى ذلك، اصطدام تركيا بالسياسات الأميركية في بعض الملفات الخاصة بالمنطقة، مما أدى إلى صدام قوي في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وتهديده بتدمير الاقتصاد التركي، كذلك اختلاف وجهات النظر لتركيا مع بعض دول المنطقة حول ملفات الربيع العربي، وغيره من القضايا، مما جعل هذه الدول تتخذ بعض القرارات التي تؤثر على أداء الاقتصاد التركي، بما فيها وجود شبهات قوية حول قيام بعض الدول العربية بالمضاربة على قيمة العملة التركية في الأسواق الدولية والمحلية، كنوع من الصراع بينهم، لإضعاف موقف حكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان.

أيضا كانت الأوضاع السياسية في تركيا منذ عام 2014، تعاني من اضطرابات، مثل محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016، وإجراء الانتخابات المبكرة، على مستويات البلديات والبرلمان والرئاسة، ويسبق ذلك الاستفتاء حول التعديلات الدستورية، والتي كان أبرزها تغير طبيعة نظام الحكم.

وبلا شك، إن العوامل الاقتصادية كان لها دور مهم، مثل جائحة فيروس كورونا، وتأثيراته على قطاع السياحة بكل مكوناته النشطة في تركيا، وكذلك تأثر الاستثمار في قطاع العقارات، كل هذه العوامل السياسية والاقتصادية أوجدت حالة من عدم الاستقرار والانخفاض المستمر في قيمة الليرة، مما ساعد على ارتفاع معدلات التضخم بالبلاد.

مقترحات حلول والمخرج من الأزمة

ويؤكد تقرير "الجزيرة نت" أنه من الصعب أن يواجه صانع السياسة النقدية معالجة مشكلة التضخم من طرفيها، العرض والطلب، ولكن التدرج مطلوب، ومن أهم أدوات العلاج إيجاد حالة من الثقة مع أفراد المجتمع، كون الحكومة تسعى لتحقيق مصالحهم، لمواجهة إشكاليات "الدولرة"، أو الاكتناز.

كما أن المطلوب تخفيض قيمة اقتراض القطاع الخاص من الخارج، والتركيز على التمويل بالمشاركة، وإعطاء مساحات أكبر للتمويل الإسلامي، وتشجيع الأفراد على التعامل بعيدا عن النقد الأجنبي وقصر التعاملات على العملة المحلية.

ويختتم التقرير بالتأكيد على عدم إمكانية إهمال مواجهة ظاهرة المضاربة على سعر الصرف، التي تتكاتف فيها أيد خارجية وأخرى محلية لإضعاف الليرة، فمن غير المقبول أن يكون لدى تركيا اقتصاد بهذه القوة، وتلك المعدلات المرتفعة من معدل التضخم.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أشاد الخميس، بأداء اقتصاد بلاده بالرغم من تحديات الوباء، مبيناً أنه كان ضمن قائمة الدول الأكثر نموا ضمن بلدان مجموعة العشرين التي تضم كبرى اقتصادات العالم، خلال العام الفائت.

وأكد في كلمة له خلال المؤتمر المالي الإقليمي، على حرصهم على مواصلة النمو الاقتصادي، خلال العام الحالي أيضاً، لافتاً إلى نمو اقتصاد بلاده 21.7 بالمئة في الربع الثاني من 2021.

وأعرب أردوغان عن توقعاته بتحقيق بلاده نمواً اقتصادياً بنسبة 9 بالمئة، بحلول نهاية العام الحالي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!