ترك برس

وجه سياسيون وكتّاب أتراك تحذيرات للسلطات الرسمية بشأن ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع توسع موجة العنصرية ضد السياح العرب في البلاد.

يأتي ذلك على خلفية اعتداءات متكررة تعرض لها سياح عرب ولاجئون سوريون في تركيا خلال الفترة الأخيرة بتحريض من شخصيات سياسية معارضة.

ونشرت صحيفة "يني شفق" مقالا للأكاديمي والكاتب التركي ياسين أقطاي يشير فيه إلى أن تصاعد حدة الخطاب العنصري وكراهية الأجانب في تركيا يعود سلبا على الاقتصاد التركي.

ويشير أقطاي، وهو مستشار سابق للرئيس رجب طيب أردوغان في حزب العدالة والتنمية، إلى أن هدف العنصريين لا يقتصر على خلق شعور بالكراهية ضد العرب فقط، بل يسعى بشكل أساسي إلى تحويل السياحة والاستثمارات العربية بعيدا عن تركيا.

وتوالت في الآونة الأخيرة الاعتداءات التي طالت المقيمين والسياح العرب في تركيا، كما سجلت حالة قتل لمواطن مغربي في إسطنبول إثر خلاف مع سائق تكسي، ما أدى إلى إطلاق حملات في المغرب ودول خليجية لمقاطعة السياحة التركية. بحسب موقع "عربي21" الإخباري.

واعتبر أقطاي، وفق "عربي21"، أن "الهجمات الإرهابية التي طالت أسواقا ومرافق عامة في مدن تركية مختلفة قبل سنوات، هدفت إلى إظهار تركيا على أنها بلد غير آمن، ما تسبب بتدمير الجهود المعاكسة التي بذلتها وزارة السياحة لدحض مثل هذه الادعاءات".

ورأى الكاتب التركي أن "الذين وقفوا وراء تلك الهجمات كانوا يسعون إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد عبر استهداف القطاع السياحي الذي يعد أحد أهم الروافد الاقتصادية التي تعتمد عليها أنقرة، إذ تستجيب السياحة بسرعة كبيرة للشعور بانعدام الأمن".

وأضاف أن "الذين لم يستطيعوا تقويض السياحة بالإرهاب، وجدوا طريقة أخرى من خلال تأجيج كراهية الأجانب"، مشيرا إلى أن "الخطابات والأفعال العنصرية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة ضد العرب، لا تبقى داخل البلاد بل تصل إلى العالم العربي".

وأدى الخطاب العنصري المتصاعد ضد العرب إلى إلغاء كثير من الحجوزات والرحلات السياحية خلال الصيف الجاري، كما تسبب بانتقال العديد من الاستثمارات إلى الخارج ما كلف تركيا خسائر لا تقل عن 5 مليارات دولار، وفقا لأقطاي.

وفي ضوء ما سبق، تساءل الكاتب التركي عن "أوجه اختلاف الخطابات والاعتداءات العنصرية، التي كلفت تركيا مليارات الدولارات في بضعة أشهر، عما وصفه بالأعمال الإرهابية، من حيث النية والغرض".

وشدد أقطاي على خطورة الوضع فيما يتعلق بعواقب كراهية الأجانب، وخاصة الخطاب المعادي للعرب، وذلك في نقل لمقابلات متسلسلة مع رجال أعمال سوريين، أوردتها الأكاديمية وأستاذة العلوم السياسية، زاهدة توبا كور.

وقالت كور: "في الآونة الأخيرة، ومع المبالغة في نشر الجرائم المرتكبة ضد السوريين في وسائل الإعلام العربية، أصبح ينظر إلى تركيا تدريجيا على أنها دولة عنصرية في الدول العربية".

وأضافت أن "المواطنين الأتراك لا يدركون حجم الضرر الذي لحق ببلدهم لأن أوميت أوزداغ ورفاقه ينشرون سم العنصرية".

ويعتبر أوزداغ، زعيم حزب النصر القومي اليميني، أحد أشد السياسيين المحرضين على اللاجئين السوريين والعرب في تركيا، سواء كانوا مقيمين أم سياحا.

وأشارت كور في حديثها إلى أن الأجانب ينهون استثماراتهم في تركيا بسبب العنصرية، ومعظمهم من التجار العرب الذين أسسوا شركات في البلاد وتوقفوا عن القدوم إلى تركيا هذا الصيف وقالوا: "أغلقوا الشركة وحساباتها لا نريد أن نأتي إلى تركيا ونقوم بأعمال تجارية مرة أخرى".

إلى ذلك، علق كاتب المقال بأن "مجرد النظر إلى هذه الصورة يكفي لفهم أهداف الذين يحرضون بشكل غير مسؤول على كراهية الأجانب والكراهية ضد العرب"، موضحا أنهم "يسعون إلى إلحاق الضرر في الدولة التركية وشعبها بشكل أكثر خبثا من حزب العمال الكردستاني"، بحسب تعبيره.

مقترحات لمكافحة موجة العنصرية المتصاعدة في تركيا

بدوره أشار النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية محمد ألغان، في مقال نشره موقع "عربي بوست"، إلى أن الأفكار العنصرية بدأت تنتشر وتجد مساحة أكبر لها عندما تصاعدت المشاكل الاقتصادية إلى مستويات لا يمكن تحملها بالنسبة للمواطنين الأتراك. في الوقت نفسه، تعقدت الأمور في سوريا أكثر مما أدى إلى تفاقم الأزمة، وأصبح واضحاً أن اللاجئين السوريين لا يملكون وطناً آمناً يمكنهم العودة إليه. وبناءً على ذلك، زادت احتمالية أن يبقى اللاجئون السوريون سكاناً دائمين في هذا البلد.

وأضاف: "اليوم، وفي ظل هذا الوضع الصعب، ودون تجاهل أزمة تصاعد موجة العنصرية، أود أن أسلط الضوء على مسألة مهمة، إلا وهي أن مواقع التواصل الاجتماعي وللأسف تعكس التطورات الجارية في تركيا بشكل مبالغ فيه إلى العالم العربي. فنرى كل ما هو مسيء ينتشر بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى زيادة التشاؤم".

وتابع: "بينما لا يتم تسليط الضوء على العديد من نماذج العلاقات القوية بين الأتراك والعرب على هذه الأرض، حيث يوجد العديد من الأتراك الجيدين الذين تجمعهم صداقات مع السوريين، ويشعرون بالسعادة إزاء العرب الذين يحترمون تركيا، لكن بالطبع هؤلاء لا يظهرون في خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل على إبراز السيئين فقط".

وأكد أنه "يترتب على الدولة تطبيق عقوبات رادعة على جرائم الكراهية. فالمواد المنتشرة في وسائل الإعلام مثل الأعمال الغوغائية والاعتداءات ضد اللاجئين لم يصدر بحق المتورطين فيها حتى أمر اعتقال. ولو صدر أمر الاعتقال لا يجري تنفيذه".

وقال: "فضل عرب تركيا العيش بهدوء دون مطالب سياسية، وانطلاقاً من ذلك، يجب زيادة دعم هذا المجتمع العربي المحلي وتعزيز روابطه مع لغته وثقافته. وبالتالي يمكنهم على المدى البعيد المساهمة بشكل أكبر في تعافي الأزمات والتقارب بين الأتراك والعرب".

وأوضح أنه "يجب على الأكاديميين والمفكرين الأتراك من أصول عربية، والمنحدرين من الولايات الجنوبية، أن يحملوا على عاتقهم المزيد من المسؤولية. بينما يترتب على السوريين في تركيا أيضاً أن يشرحوا للمجتمع التركي بشكل متزايد أنهم ليسوا تهديداً لهم بل هم إمكانية وفرصة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!