نصوحي غونغور - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

متسارعة الخطى تسير إيران بين جموع الأمم المتحدة نحو الانعتاق الجديد، في بداية لمرحلة جديدة نرى فيها توجهًا جديدًا لهذه الأمم نحو إيران والموقف من المشروع النووي الإيراني. في دراستنا لهذا التغير المفصلي في سياسية المنطقة يستطيع كل منا التفسير والتحليل على النحو الذي يحب ويشتهي، فترى كل شخص يقيّم المرحلة حسب أيدولوجيته فيرسم ويفصّل من الكلام ما يراه من خلال نافذته الخاصة، وفي هذا السياق نرى الكتاب والمتخصصين الأتراك وقد انقسموا في تقييم الخطوات المتلاحقة، فمنهم من يراه إيجابيا فيراه انتصارا لمحور المقاومة والممانعة، ومنهم من رأى تغيرات المشهد السياسية انما هو هزيمة للسنة بشكل عام وهزيمة لتركيا والدول السنية بشكل خاص.

قبل ما يقارب 3 عقود انطلقت الثورة الإسلامية الإيرانية وكانت معظم جموع المسلمين من جميع أنحاء العالم دافعة ومؤيدة لهذه الثورة، لكن ما انفكت حتى بان ما تحت اللثام ليظهر عياننا بأن الذي يحث إنما هي ثورة شيعية، فبدأت التكتلات بالاستقطاب نحو مراكزها، وكان من مراكز التجمع السني الدولة التركية. لكن المفارقة في هذا القياس هو مقدار النجاح الديني في كل البلدين، ففي إيران كانت ثورة شيعية ناجحة ومتمكنة لكن في تركيا كانت ثورة إسلامية بثقل إسلامي ضعيف جدا، ومن هذا وغيره من الأسباب التي بدأت تحكم الصراع الدائر في المنطقة فإن على تركيا أن تغير من أدواتها ومن بعض الأطر الأساسية من أجل البقاء في المقدمة.

يأتي هذا الاتفاق في إطار حصد الجهود الكبيرة التي تصرفها إيران وفي إطار الدور الكبير الذي تلعبه إيران في كل أنحاء المنطقة، فإيران تتحكم بشكل مركزي وتصنع الحدث من طهران في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن، فهي تملك أدوات تحكّم في مجموعات قوية وذات قوة ديمغرافية وعسكرية في هذه البلاد. وكتعقيب على هذه الحقيقة أرى أن من الخطأ قراءة الأمور من البعد الطائفي فحسب بل يجب ملاحظة وإدراك الابعاد الأخرى في المشهد ومحاولة فهمه في جميع الأطر الممكنة.

ما أحاول قوله هو أن المعركة إنما هي امتداد لصراع الماضي، فصراع الحضارة الفارسية مع قريناتها من الغرب والشرق هو المحرك والتوربين لما نراه اليوم، فالحضارة العريقة للفرس في بعدها الثقافي وأبعادها الأخرى هو شريان الحياة لمعركة اليوم، فطهران تساوم اليوم كل دول العالم بعناصر قوتها من الفلسفة والأدب والفنون المختلفة المستمرة من أيام الفرس لتستمر في محاولة إعادة الامجاد القديمة. وفي الطرف الآخر من الصورة نرى ضعف التواصل الحضاري التركي-العثماني الإسلامي، فعلى تركيا أن تستقي من ماضيها وتستمد منه دماء الحياة لتعود إلى الصدارة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس