ولاء خضير – خاص ترك برس

يقع مقام النبي موسى عليه السلام، فيما يعرف تاريخيًا "ببرية القدس"، على بعد 30 كم شرقي مدينة القدس، وعلى بعد 8 كم، من الجنوب الغربي، لمدينة أريحا التاريخية.

وشكل مقام النبي موسى عليه السلام، مأوى تاريخيًا للمتعّبدين منذ الفترة البيزنطية، واتبعه اهتمام خاص في الفترة العثمانية، في العام 1820م، حيث قام العثمانيون بأعمال ترميم، واصلاح واسعة على المبنى ، ويشير إلى هذا التعمير، نقوش كتابية فوق المدخل الغربي للمقام، وفي المسجد.

ولمن يريد التمتع بالطبيعة، فمقام النبي موسى عليه السلام، يقع على تلة صخرية ذات طبيعة جيرية، مختلطة بالقطران، والصوان، وسط ما يحيطها من كثبان رملية.

ويحتفل المسلمون في شهر نيسان/ أبريل من كل عام، بموسم النبي موسى عليه السلام، ويأُمّون المقام والمسجد المنسوب إليه، حيث يتضمن الحفل العديد من الفعاليات، والأناشيد الدينية.

وعمدت تركيا مؤخرًا إلى دعم فعاليات مقام النبي موسى عليه السلام، من خلال الشراكة بحفل انطلاقه، والتي تنظمها اللجنة الوطنية لاحتفالية مواسم النبي موسى، وبالتعاون مع وكالة التعاون والتنسيق التركية – رئاسة الوزراء"تيكا".

ويتمثل الاحتفال بحضور السفير التركي، ويرافقه عدد من المسؤلين وشخصيات تركية، وأفراد من الشعب التركي الشقيق، وتُرافقه أيضا فرقة تركية، مختصة في عرض أقدم موسيقى عسكرية عبر التاريخ "فرقة مهتار"، للمشاركة بالاحتفال.

وبهذا الصدد أكد السفير التركي، مصطفى صارنيش عبر موقع فلسطينيو الداخل، على العلاقة الفلسطينية التركية بقوله: "تمتد علاقة الأخوة القوية والصداقة المتينة، ما بين تركيا وفلسطين من خلال التاريخ المشترك، والتقارب الثقافي بين الشعبين منذ مئات السنين".

وأضاف "رغم انقطاع إحتفالات مقام النبي موسى في فترات مختلفة، إلا أن الاحتقال بموسم النبي موسى، والذي بدء منذ عهد صلاح الدين الأيوبي، واستمر هذا الإرث الثقافي لمئات السنين، ومن دواعي سروري أن نشارككم بهذا الاحتفال، هذا النوع من الفعاليات المشتركة، لهو إشارة إلى قوة العلاقات التركية الفلسطينية التي تزداد قوة يوما بعد يوم".

وأوضح أن تركيا اشتركت مع الأخوة الفلسطينيين، منذ مئات السنين بالدين والتاريخ والثقافة، وهي تعمل جاهدة على تطوير هذه العلاقة الأخوية بكل الوسائل.

وأشار أنه ظهرت في هذا المكان، أهمية سياسية خاصة، خصوصا في أحداث عامي 1920 و 1930، حيث تظاهر المئات من الفلسطينيين المحتفلين بموسم النبي موسى، ضد الهجرات الصهيونية، والمستوطنات في فلسطين، وضد حكومة الانتداب البريطانية بعد الحكم العثماني، والتي أيدت هذه الهجرة وقمعها الجيش.

ويعتبر موسم النبي موسى من  السننّ التي سنها القائد الفاتح صلاح الدين الأيوبي، رضي الله عنه، والذي أخذ برأي مستشاريه في إحياء هذا الموسم، وغيرها من المواسم الأخرى في بلاد فلسطين، لإظهار قوة المسلمين، وكان ذلك بعد تحرير القدس من أيدي الفرنج عام 583هـ/1187م.

وقد شيد البطل صلاح الدين، جزءاً من المباني القائمة في مقام ومسجد النبي موسى، ثم جاء الظاهر بيبرس، وبنى قبة المسجد عام 668هـ /1265م، وأوقف عليه الكثير من العقارات، والأراضي، ومنها مدينة أريحا، والأراضي الممتدة إلى "الجفتلك"، وعدة قرى ومواقع منها: أراض في صور باهر.

واستمرت الاحتفالات في الموسم طوال عهد الأتراك العثمانيين، الذين ازداد اهتمامهم بمدينة القدس، وأصبحت الأماكن المقدسة ببلاد الشام، والحجاز، ممثلة بمدن مكة، والمدينة، والقدس، والخليل، تحت الولاية العثمانية.

كما أن الوثائق العثمانية تبين مدى العناية بالأضرحة، والمقامات، وغيرها من المقدسات التاريخية الفلسطينية، مثل اختيار سدنتها، وتعمير بنائها، وتجديد الستائر على أضرحة الأنبياء ورعاية أوقافها، وانعكس هذا على مقام النبي موسى الذي أولى له العثمانيون كل رعاية.

كما أن الوثائق التاريخية الموجودة في تركيا، على مدار ألف عام، تُظهر الإهتمام الذي قدمته الدولة العثمانية لهذا المقام، والنفقات التي قدمت على ضيوفه، ولهذا دلالة تاريخية، ودينية، وثقافية، تحمل مفهوم مهم جدا للتاريخ المشترك للشعبين الفلسطيني، والتركي، ولمستقبل الدولة الفلسطينية، وللشعب الفلسطيني، وللأجيال القادمة.

وتأمل تركيا ممثلة بـ"تيكا"، أن تستكمل في القريب العاجل أعمال الترميم التي بدأت بها في مقام النبي موسى، مؤكدة على إهتمامها الكبير بهذا الموروث الثقافي، والتاريخي المشترك، الذي كان واحة في صحراء لقوافل الحجاج والحجيج، وتتعهد باستكمال تقديم الدعم لكافة الأماكن الأثرية والتاريخية بفلسطين المقدسة، لا سيما مقام النبي موسى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!