ماركار إسيان - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

بعد خمس سنوات من بداية الحرب الداخلية في سوريا نرى الاهتمام العالمي بالأزمة بدأ يزيد، لكن هذا لا يعني أن حلولا إعجازية ستنزل لتحل الأزمة، كما ونرى بأن القوى الغنية والعظمى بدأت تتحرك لتغير من حسابات المرحلة، فإما أن تخرج مصالح هذه القوى من إطارها الضيق لتشمل الإقليم، أو تزيد من مخاطر الأزمة لتصبح عالمية. ولا يأتي هذا الاهتمام بسبب مأساة الطفلة إيلين وصورها المفجعة؛ بل هو بسبب خوف وقلق أوروبا من مئات آلاف اللاجئين الذين يتدفقون إليها.

لقد كتبنا من قبل أن الأزمة السورية لن تتوقف عند تركيا التي تملك حدودا سياسية تقارب 911 كم مع سوريا؛ كما ولن تتوقف عند لبنان والأردن، بل قلنا بأنها ستصل أوروبا وروسيا والبحر الأبيض المتوسط يوما ما، ورغم استقبال تركيا لما يزيد عن مليونين لاجئ سوري واحتضانها لهم وتعاملها معهم كضيوف؛ إلا أن هذا لن يجعل من الأزمة مستقرة أو كافية. كما ولقد زاد الاهتمام الدولي عندما بدأ التدخل الروسي من أجل إنقاذ الأسد وتأسيس الدولة النصيرية.

في حديث رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مع الأمين العام للأمم المتحدة جعل معظم حديثه عن الأزمة السورية، وقال بأن اللاجئين الهاربين من هجمات الأسد وداعش زاد عددهم عن 5 مليون؛ ولهذا فإن على المجتمع الدولي التحرك بسرعة من أجل تأمين مكان يحفظهم. كما وقال أيضا في داعش ونظام الأسد "يجب على الذين يفكرون في حل الأزمة السورية أن يعلموا أن حلها يكون بسوريا بدون الأسد، وهو ما يجب أن يعيه الجميع، فلا يمكن حل الأزمة السورية بحلول إصلاحية، ويجب وجود توازن في تخليص سوريا من الأسد وداعش، كما وأن تركيا تحارب الإرهاب بكل طوائفه دون تمييز، فهي تحارب داعش مثلما تحارب حزب العمال الكردستاني".

فكما قال داود أوغلو بأنه لا يمكن استبدال تنظيم إرهابي بآخر، فنحن بتنا في عصر التطور والتكنولوجيا؛ ولا تستقيم مثل هذه الأفعال في عصرنا الحاضر، فهي جُربت سابقا وفشلت في أفغانستان، وكان داعش نتيجة لتلك المحاولات الفاشلة. ومن أجل حل هذه المشكلة يجب أن يكون الحل جذريا، فلا يجوز التمييز بين إرهاب داعش والأسد وحزب العمال الكردستاني بسبب اختلاف ايدولوجياتهم؛ لأنهم يستقوون ببعضهم، ويكبرون بتغذيتهم المتبادلة بين بعضهم البعض. ومن أجل حل هذه المعضلة؛ لا يستقيم استخدام الأسد وحزب العمال الكردستاني كقوات برية بسبب عدم وجود بدائل أخرى متاحة.

وبهذا نعود إلى السبب الحقيقي لتواجد مجلس الأمم المتحدة، فهذا المجلس أقيم من أجل حفظ السلام العالمي؛ بالتدخل في المناطق الخطيرة وضد الدكتاتوريين. نعلم بأن هذه المهمة ليست بالأمر السهل؛ لكن توجهات أعضاء المجلس لحل الأزمات التي تلوح بالأفق باستخدام الدبلوماسية والسياسة أعاقت هذه الدور الحقيقي، وهو ما حاول رئيس الجمهورية الطيب أردوغان شرحه.

وفي دوره كان مجلس الأمم المتحدة يتحرك من أجل التحضير لحل مثل هذه الأزمات، فشكل "وحدة الحماية" التي تمت الموافقة عليها، وهي عبارة عن خطة تدخّل بثلاثة مراحل لحل الأزمات والآفات والمشاكل السياسية التي قد تحل باي بلد، ولم تدخل هذه الوحدة حيز العمل من أجل حل الأزمة السورية بسبب عدم وجود رغبة أمريكية؛ وبسبب الفيتو الصيني والروسي. لكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو محاولة القوى العظمى مشاركة الهيمنة العالمية ضمن موازنات وحسابات إقليمية وعالمية، فلقد صرح وزير الخارجية الروسي لافروف في هذا الشأن وقال "لقد انتهى عصر القطب الواحد".

إننا نتجه بالأزمة السورية نحو حرب عالمية ثالثة، فإلى أين تتجه الأمور بعد أزمة اللاجئين في أوروبا أو بعد ظهور إرهاب داعش؟ من لا يرى بأن الأمور تأخذ ذلك المنحنى فهو بالتأكيد أعمى، فبعد أن أصبح الانسان بلا قيمة، وبعدما بات الغرب يسعى من أجل مصالحه؛ نرى بأن الحلول التي تدور من أجل حل الأزمة السورية يجب أن تكون جادة.

عن الكاتب

ماركار إسيان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس