وداد بيلغين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش تركيا اليوم في منطقة مزقتها الحروب الداخلية؛ ولهذا فإن الأعمال الإرهابية التي نعايشها ليست نتاج الصدفة البحتة، ولأننا نعيش في منطقة الأناضول؛ فنحن الأتراك ندفع ثمن ذلك كل مرة تتغير فيها حسابات القوى العالمية، ويُعتبر الإرهاب شكلًا من أشكال دفع فاتورة العيش في هذه المنطقة؛ بسبب الحسابات المعقدة التي تسعى إلى تغيير شكل الشرق الأوسط الجديد.

وفي خضم كل هذا يجب علينا أن لا ننسى أن الأحلام الإمبراطورية التوسعية الاستعمارية ستؤدي إلى زيادة المذابح والإبادات الجماعية في المنطقة، ولأن الغرب يعتبر الحدود السياسية بين الدول القومية اليوم هي حدود الكعكة التي قُسّمت بينهم، فعندما يثور الناس من أجل حريتهم واستقلالهم تقوم القيامة ولا تقعد، ففي الوقت الذي تسعى الشعوب في مصر وليبيا وسوريا وغيرهم إلى تحصيل حقوقهم عبر ثوراتهم الشرعية؛ نرى الغرب وإيران وروسيا والصين يتدخلون ليمنعوا الشعوب الحرة من تحقيق أحلامها؛ ثم يسعون من بعدها إلى تمرير أجنداتهم الخاصة على أكتاف هذه الشعوب المكلومة.

وفي نفس السياق نرى أن أطرافا مختلفة أرادت جر تركيا إلى وحل فوضى الشرق الأوسط بلا تردد في حال استمرت تركيا في تدخلها من أجل حل أزمات المنطقة، ولتبرير أفعالهم هذه عمدوا إلى نشر دعواهم "الصلح الداخلي" من غير أن يتطرقوا لحسابات السياسية المختلفة. لقد رأت الدول والسياسيات الخارجية الخطر المحدق في التحول التركي الدراماتيكي الذي حصل في بدايات القرن الحادي والعشرين وأصبحت من بعده مركز الاقتصاد في المنطقة؛ بسبب ازدهارها السيسي والاقتصادي وتطور مجتمعها المدني.

لقد أظهرت تفجيرات سوراج وأنقرة بأن الأطراف الخارجية لن ترضى باستقرار تركيا ولا حتى بتركها على حالها بعد توسع بقعة الثورات في المنطقة. ففي تفجيرات أنقرة الأخيرة سنرى بصمات الموساد والمخابرات الروسية سواء كان منفذها حزب العمال الكردستاني أو داعش أو حزب التحرر الثوري الشيوعي، كما سنرى أن الأيدي التي امتدت من الغرب والشرق من أجل تغيير الخارطة السياسية في المنطقة هي أيضا مشاركة بشكل أو بآخر في هذه التفجيرات، ومن أجل إخفاء عوراتهم سعت كل هذه الأيدي الآثمة إلى اتهام الحكومة في أنقرة بأنها هي من كانت وراء هذه التفجيرات!

لقد كانت الرسالة الواضحة التي بُعثت إلى أنقرة تصرخ مدوية وتقول "إننا نريد من تركيا أن تنشغل في فوضاها الداخلية بعد أن نجرها إلى وحل الفوضى عن طريق حزب العمال الكردستاني وغيره من أيادينا؛ الأمر الذي يجعل تركيا خارج الخدمة فيما يتعلق بملفاتها الخارجية"، كما ويريدون منع أي حلول ديمقراطية قد تلوح في الأفق مع قرب الانتخابات البرلمانية.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس