وداد بيلغين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

أقصد أن التحضر بطريقة محافظة هو الخط الذي يسير عليه حزب العدالة والتنمية عندما أعلن عن نفسه أنه حزب ديمقراطي محافظ. وهو في هذا الاتجاه يسعى إلى تطوير كافة مجالات الحياة بشكل حضاري مع المحافظة على طبيعته المحافظة.

فحقبة التغريب التي مرت بها البلاد والتي عمل على فرضها زمرة من المتنفذين قد فشلت في أول تجربة ديمقراطية حقيقية حيث أثبت المجتمع أنه مجتمع محافظ يسعى نحو التحضر والرقي ولكن ليس عن طريق التقليد الأعمى والانفصام عن هوية المجتمع وقيمه والتحول الى التغريب ونقل التجربة الغربية بكل أشكالها.

الديمقراطية والاتجاه المحافظ

لعل مفهوم ارتباط المحافظة بالسياسة والعمل السياسي بدأ في زمن حزب العدالة والحزب الديمقراطي بزعامة الرئيس الراحل تورغوت أوزال ولكن هذا الاتجاه السياسي المحافظ تم طمسه ومقاومته من قبل المتنفذين في الدولة آنذاك وبقي هذا التيار المحافظ مضطهدًا إلى بداية عام 2000 حيث انطلق مشروع العدالة والتنمية، والذي أثبت أنه لا خلاف بين التحضر والتقدم والسلوك المحافظ، بل على العكس أثبت الخط المحافط أنه يتطور ويزيد إنتاجه الحضاري بقوة التجربة الديمقراطية.

ولعله من الواضح أن مفهوم التحضر ما زال مرتبط عند البعض بحركة التغريب، أي أن التحضر مرتبط بنقل كل ما عند الغرب الى مجتمعاتنا بجميع ما يحمل من قيم. في الواقع إن اعتراض دعاة التغريب على المحافظين وربطهم بالتخلف والعودة إلى الماضي أمر غير مقبول وغير صحيح، لأن مفهوم التحضر والتخلف مرتبط عندهم بالالتزام الديني أوعدمه، وهذا ربط غير صحيح لأن يمكن أن يحافظ الانسان على قيمه الأخلاقية والدينية وفي نفس الوقت يمكن أن يكون في قمة التحضر والرقي.

في الواقع إن مفهوم التحضر بطريقة محافظة ليس جديدا، ولعل مفهوم التحضر من دون الانفصام عن الهوية والثقافة، قد يكون المثال الياباني من أهم الأمثلة عليه حيث استطاع المجتمع الياباني أخذ جميع مطاهر الحضارة الغربية المتعلقة بالصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد من غير أن يغير من طبيعته المحافظة ومن دون أن يغير قيمه وثقافته.

في الواقع أن محاولة تغريب المجتمع وتغيير قيمه وثقافته والتحول إلى بلد غربي يتنافى مع طبيعة هذا المجتمع، فخلاصة القول إن محاولة تغيير ثقافة وقيم أي مجتمع سينتج عن تخريب في نسيج ذلك المجتمع، وفي المحصلة لن يتغير المجتمع وسيقاوم هذا التغيير حتى يرجع إلى أصله.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس