مراد يتكين - صحيفة راديكال - ترجمة وتحرير ترك برس

هل يستطيع الاتحاد الأوروبي حل مشكلة اللاجئين بدون مساعدة تركيا؟ مع العلم أنّ اللاجئين الذين يتوافدون إليه لا يأتون من سوريا فقط، وإنما بدأت المشكلة الأكبر بازدياد أعداد اللاجئين القادمين من أفريقيا، وبدأ الاتحاد الأوروبي في نقاشات ثنائية مع الدول الإفريقية من أجل التخفيف من حدة الهجرة، والمنطق الذي يتحدثون عنه هو نفس الرؤية التي قدموها لتركيا، والتي تستند على مبدأ "أبقوا اللاجئين عندكم وسنمدكم بالمال اللازم لهم".

أدرك الاتحاد الأوروبي وبروكسل مبكرا أنّ هذا العرض لا يتوافق مع مبادئ تركيا التاريخية والطبيعية، وخصوصا أنّ العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي لم تتحسن منذ سنوات طويلة، ومع أنّ تركيا ربما لم تستطع إغلاق الفجوة بين أوضاع الحريات والحقوق فيها وبين ما هو عليه الوضع في أوروبا، إلا أنّ الاتحاد الأوروبي كان يسعى دوما لإبعاد تركيا عنه، ولم يستطع تجاوز مسألة الاختلاف الديني بين تركيا والاتحاد الأوروبي برغم علمانية الدولة، وبقي هذا الأمر حاجزا بين تركيا ودخولها الاتحاد الأوروبي.

ومع بدء أحداث الربيع العربي، وتوجه تركيا نحو الشرق أكثر من توجهها نحو أوروبا، ضمن سياسة أردوغان التي اتبعها أثناء ترأسه للحكومات المتعاقبة منذ 2010، زاد ذلك التوجه من المسافة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لتدخل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي حالة من الجمود الواضح خلال آخر 5 سنوات، لكن هذا الأمر انقلب فجأة في الآونة الأخيرة.

لم تعترف دول الاتحاد الأوروبي "بأهمية تركيا" إلا عندما تدفق اللاجئون السوريون إليه، ولم يدركوا ذلك إلا عندما شاهدوا جسد الطفل البريء "أيلان كردي" ملقى جثة هامدة على شاطئ بودروم.

وبعد ذلك تغيرت طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي مع تركيا، وأخروا إصدار تقرير الاتحاد الأوروبي المرحلي عن مفاوضات طلب العضوية إلى ما بعد انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك لأنهم لم يريدوا إغضاب أنقرة، والذي قد ينعكس بصورة مباشرة على زيادة حجم الهجرة نحو البلدان الأوروبية. وضمن نفس السياق، طارت ميركل مباشرة إلى اسطنبول من أجل لقاء أردوغان وأحمد داود أوغلو.

وقد تحدث الطرفان في تلك الاجتماعات عن المسودة التي تقدم بها وزير الخارجية التركي مع نائب رئيس لجنة الاتحاد الأوروبي، حيث تشمل هذه المسودة، إبقاء اللاجئين في تركيا، مع وجود ميزانية مشتركة لتغطية المستلزمات الأساسية للاجئين، بالإضافة لاحتواء المسودة على تقديم موضوع إدخال تركيا في نطاق دول تأشيرة شينغن، والبدء الجدي بالمفاوضات المتعلقة بدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وترتبط العديد من المواضيع الأخرى في هذه المفاوضات أيضا، منها موضوع قبرص وغيره من المواضيع، ولا شك بأنّ الدور التركي أصبح مهما في سوريا، وكانت تركيا من إحدى الدول الأربعة بالإضافة إلى أمريكا وروسيا والسعودية، التي اجتمعت من أجل البت في الموضوع السوري، وفي نفس الوقت تقود تركيا حراكا واسعا مع دول التحالف ضد داعش، وتستمر في حملتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني.

نحن نتحدث عن عملية متزامنة معقدة تحتوي العديد من المواضيع، بدءا بالحرب الأهلية في سوريا، وأزمة اللاجئين التي تعاني منها أوروبا، بالإضافة إلى العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ومشاكل قبرص.

علينا إدارة هذه العملية بحذر شديد، حتى نخرج منها محققين ما نصبو إليه، وإلا سنتراجع كثيرا للوراء، ولا شك أنّ إدراك أوروبا المتأخر بأنه لا حل لمشكلة اللاجئين دون الرجوع إلى تركيا، هو ما أدى إلى تداخل هذه المواضيع بهذا الشكل.

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس